الصفحة الإسلامية

مفهوم الأرض المقدسة في القرآن الكريم (ح 5)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (قدس) "نقدس" (البقرة 30) نطهر، و "القدوس" (الحشر 23) (الجمعة 1) طاهر من كل عيب ونقص ومنزه عن القبائح ونظيره السبوح، و "أيدناه بروح القدس" (البقرة 87) (البقرة 253) أي بالروح المقدسة، وفي الحديث: روح القدس جبرئيل عليه السلام، وبيت المقدس: الذي يتطهر به من الذنوب، و "الأرض المقدسة" (المائدة 21) بيت المقدس لأنها كانت قرار الأنبياء عليهم السلام ومسكن المؤمنين، وقيل: الطور وما حوله، وقيل: دمشق، وقيل: الشام، و "نقدس لك" (البقرة 30) نطهرك عما لا يليق بك، وقيل: نطهر أنفسنا لك. و "الطور" (البقرة 63) (البقرة 93) جبل كلم عليه موسى بالأرض المقدسة، في قوله تعالى: "ورفعنا فوقكم الطور" (البقرة 63) (البقرة 93). و "طور سيناء" (المؤمنون 20) و "طور سينين" (التين 2) لا يخلو أما أن يكون مضافا إلى بقعة اسمها سيناء، أو سينون، وأما أن يكون اسما للجبل مركبا من مضاف ومضاف إليه كامرء القيس. و "حشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير" (النمل 17) أي جمع له ذلك فكان إذا خرج إلى مجلسه عكف عليه الطير وقام الجن والإنس حتى يجلس على سريره، وكان لا يسمع بملك في ناحية من الأرض إلا أذله وادخله في الاسلام، ويروى انه خرج من بيت المقدس مع سليمان ستمائة الف كرسي عن يمينه وشماله، وامر الطير فأظلتهم، وامر الريح فحملتهم حتى وردت بهم المدائن ثم رجع فبات في إصطخر في بلد فارس فقال بعضهم لبعض: هل رأيتم ملكا أعظم من هذا أو سمعتم قالوا: لا، فنادى ملك من السماء لثواب تسبيحة واحدة في الله أعظم مما رأيتم، ومما نقل إن معسكر سليمان مائة فرسخ، خمسة وعشرون من الانس، وخمسة وعشرون من الجن، وخمسة وعشرون من الوحوش. (طوى) "طوى" (طه 12) (النازعات 16) وطوى يقرءان جميعا بالتنوين وعدمه فمن جعله اسم أرض لم يصرفه، ومن جعله اسم الوادي صرفه لأنه مذكرا، وكذا من جعله مصدرا كقوله: "ناديه بالواد المقدس طوى" (النازعات 16) وثنى: أي مرتين، قيل: سمي به الوادي لأنه قدس مرتين فكأنه طوى بالبركة كرتين "والسماوات مطويات بيمينه" (الزمر 67) هو تصوير لجلاله وعظم شأنه لا غير، من غير تصور قبضته، وبيمينه لا حقيقة ولا مجازا.

جاء في التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قوله تعالى "ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ" (المائدة 21) لم ينقل أحد من المؤرخين أنهم رجعوا إلى مصر بعد خروجهم منها كما قال أبو حيان وغيره، بل الثابت أن بنى إسرائيل خرجوا من مصر، وأمروا بعد خروجهم بدخول الأرض المقدسة لقتال الجبارين ولكنهم أبوا طاعة نبيهم عليه السلام فعذبوا بالتيه أربعين سنة لتخلفهم عن قتال الجبارين، ولعصيانهم أمر نبيهم وماتوا جميعا في التيه، وبقي أبناؤهم فامتثلوا أمر الله تعالى وهبطوا إلى الشام. وقاتلوا الجبارين ودخلوا الأرض المقدسة بقيادة يوشع بن نون. دخولهم في التيه كان عقوبة لهم على نكوصهم عن قتال الجبارين، ليدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم. فالتيه والحالة هذه كان بمثابة سجن لهم يعاقبون فيه، كما يشعر بذلك قوله تعالى: "فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ" (المائدة 26) فكيف يخرج السجين من سجنه تلبية لبعض رغباته المنكرة. وبناء على ذلك يكون الأمر في قول موسى لهم: "اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ" (البقرة 61) للتهديد والتوبيخ والتجهيل. ثم بين سبحانه العقوبات التي حلت بهم جزاء ظلمهم وفجورهم فقال تعالى: "وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ" (البقرة 61): ضرب الذلة والمسكنة عليهم كناية عن لزومهما لهم، وإحاطتهما بهم، كما يحيط السرادق بمن بداخله. ثم أهبط ذريتهم الشام، فأسكنهم الأرض المقدسة، وجعل هلاك الجبابرة على أيديهم مع (يوشع بن نون) بعد وفاة موسى بن عمران. فرأينا أن الله تعالى قد أخبر عنهم أنه كتب لهم الأرض المقدسة، ولم يخبرنا عنهم أنه ردهم إلى مصر بعد إخراجه إياهم منها، فيجوز لنا أن نقرأ اهبطوا مصر ونتأوله أنه ردهم إليها.

جاء في موقع الدكتور منصور العبادي عن فلسطين هي الأرض المقدسة والمباركة: وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض: وبعد دخول بني إسرائيل الأرض المقدسة استقر بهم المقام فيها كما جاء ذلك في قوله تعالى "وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا" (الإسراء 104). والأرض في هذه الآية هي أرض فلسطين التي سيقومون بالإفساد فيها مرتين كما جاء في بداية سورة الإسراء والأخرة في هذه الآية هو الإفساد الثاني الذي سيتم بعد جمع اليهود من الشتات (لفيفا). لقد تعرض اليهود لشتى أنواع العذاب من الأمم المحيطة بهم في غياب قيادة لهم بموت يوشع بن نون ولذلك طلبوا من نبيهم في ذلك العصر أن يجعل عليهم ملكا يقاتلون تحت رايته الأعداء الذين من حولهم فأوحى الله إلى نبيهم أن يملكوا طالوت عليهم فقبلوا هذا الأمر بعدد تردد طويل كعادتهم وكان ذلك في عام 1025 قبل الميلاد كما جاء في قوله سبحانه وتعالى "وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (البقرة 247). وبعد اختيار طالوت ملكا على اليهود قام بمحاربة الأقوام في المناطق المجاورة بقلة من بني إسرائيل بعد أن تقاعس أكثرهم عن القتال وانتصر على أعدائه وأصبح لليهود دولة قوية وبدأ بذلك ما يسمى بعهد الملوك. وحكم اليهود بعد طالوت داود عليه السلام وكان نبيا وملكا كما جاء ذلك في قوله تعالى "فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" (البقرة 251). ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها: وبعد موت داود عليه السلام استلم الحكم ابنه سليمان عليه السلام كما جاء في قوله تعالى "وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ" (النمل 16). وقد آتى الله عز وجل نبيه سليمان ملكا عظيما شمل معظم بلدان الشرق الأوسط وسخر له الجن والريح والطير كما جاء ذلك في آيات كثيرة كما في قوله تعالى "قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37)" (ص 35-37) وقوله تعالى "وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ" (الأنبياء 81). ومن الواضح أن الأرض المباركة التي كانت تجري الريح العاصفة إليها بأمر سليمان عليه السلام هي فلسطين حيث كانت عاصمة ملكه. ومما يؤكد على أن سليمان عليه السلام كان في فلسطين هو أنه كان يجهل وجود مملكة سبأ فلو أنه كان في عسير أو الحبشة كما يزعم البعض لعلم بها بسبب قربها منها ولكنه علم بها بعد أن أخبره به الهدهد وذلك في قوله تعالى "فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ" (النمل 22).

جاء في موقع الألوكة عن ورقات حول الأرض المقدسة: ما خصائص بيت المقدس والأرض المقدسة؟ للكاتب رضوان سعداوي: المسجد الأقصى ثاني مسجد وُضع في الأرض: عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله، أي مسجد وُضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قال: ثم قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصلِّه، فإن الفضل فيه). المسجد الأقصى ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى). أن موسى عليه السلام سأل ربه أن يقربه من الأرض المقدسة عند موته واحتضاره: عن أبي هريرة أنه قال: (أُرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: فرد الله إليه عينه، وقال: ارجع إليه، فقل له: يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب، ثم مَه؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رميةً بحجرٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلو كنت ثَمَّ، لأريتكم قبره إلى جانب الطريق، تحت الكثيب الأحمر). هلاك يأجوج ومأجوج ببيت المقدس: عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، إلى أن قال: ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أولهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم، فيقولون: لقد كان بهذه مرَّةً ماء، ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا مَن في الأرض، هلم فلنقتل مَن في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيردُّ الله عليهم نشابهم مخضوبة دمًا)، وفي رواية ابن حجر: (فإني قد أنزلت عبادًا لي، لا يَدَيْ لأحدٍ بقتالهم).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك