الصفحة الإسلامية

اشارات السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره عن القرآن الكريم من سورة التوبة (ح 52)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى للمرجع الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي قدس سره - الشيخ ميرزا علي الغروي: الاجتهاد صيانة للأحكام عن الإندراس واحتفاظ على الشريعة المقدسة عن الاضمحلال ، وهو واجب كفائي وإلى ذلك أشار سبحانه بقوله عزّ من قائل "وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" (التوبة 122)، حيث دلّ على أن كل طائفة من كل فرقة مأمور بالتفقه وتحصيل الأحكام الشرعية وتبليغها للجاهلين، فهي ظاهرة الدلالة. وأما ما يمكن أن يستدل به المجتهد على جواز التقليد في الشريعة المقدسة فهو اُمور: منها: السيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع عنها وقد تقدمت، وهي تقتضي جواز التقليد والافتاء كليهما. ومنها: قوله عزّ من قائل: "فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" (التوبة 122) فإنها تدلنا على وجوب النفر حسبما تقتضيه لولا التحضيضية، كما تدلنا على وجوب التفقه والانذار لأنهما الغاية الداعية إلى الأمر بالنفر، وتدلنا أيضاً على أن مطلوبية التفقه والانذار ليست لأجل نفسيهما، بل من جهة احتمال التحذر بواسطتهما، فالغاية من ذينك الواجبين هو التحذر عند الانذار، وحيث إن الآية مطلقة فيستفاد منها أن التحذر عقيب الانذار واجب مطلقاً، سواء حصل العلم من إنذار المنذرين أم لم يحصل. وتوضيحه: أن الحذر على ما يستفاد من مشتقاته وموارد استعمالاته، عنوان للعمل وليس عبارة عن الخوف النفساني فحسب، ومعناه التحفظ عن الوقوع فيما لا يراد من المخاوف والمهالك، مثلاً إذا حمل المسافر سلاحه في الطريق المحتمل فيه اللّص أو السبع للمدافعة عن نفسه أو ماله يقال: إنه تحذّر فهو فعل إختياري وليس بمعنى الخوف كما مر، وقد دلت الآية المباركة على وجوبه، وبما أن التحذر غير مقيد فيها بصورة حصول العلم من إنذار المنذرين لكي يجب التحذر بالعلم المستند إلى الانذار، فلا مناص من الالتزام بوجوب التحذر عقيب الانذار مطلقاً، حصل للمتحذر علم من إنذار المنذرين أم لم يحصل.

جاء في موقع الابدال عن التفسير عند السيد الخوئي للسيد ياسين الموسوي:معنى "الرِّجْسَ": أما لغة فقد نقل السيد الخوئي بعض ما ذكره علماء اللغة واستفاد منه: (رجس أي: خبيث، وفي مفردات الراغب: الرجس‏ الشي‏ء القذر. يقال: رجل رجس ورجال أرجاس، والرجس‏ على أربعة أوجه: إما من حيث الطبع، وإما من جهة العقل، وإما من جهة الشرع، وإما من كل ذلك. وفي القاموس: الرجس بالكسر القذر، والمأثم، وكل ما استقذر من العمل، والعمل المؤدي إلى العذاب. وفي المنجد: رجس رجاسة عمل عملاً قبيحاً). أما ما يستفيده السيد الخوئي من المعنى اللغوي ومن سياق الآيات القرآنية فقد قال: (الرجس‏ ليس معناه هو النجس وإنّما معناه الخبيث والدني المعبّر عنه في الفارسية بـپليد لصحة إطلاقه على الأفعال الدنيئة. وقال في موضع آخر: (إنّ الرجس في الآية لا يراد منه القذارة الظاهرية لكي ينازع في اختصاصه بالأعيان النجسة، أو شموله الأعيان المتنجسة أيضاً. بل المراد منه القذارة المعنوية: أي الحسية الموجودة في الأمور المذكورة في الآية، سواء كانت قدرة بالقذارة الحسية أيضاً أم لم تكن، والذي يدل على ذلك من الآية إطلاق الرجس على الميسر والأنصاب والأزلام، فإنّ من البديهي أنّ قذارة هذه الأشياء ليست ظاهرية، ولا شبهة في صحة إطلاق الرجس في اللغة على ما يشمل القذارة الباطنية أيضاً، وعليه فالآية إنّما تدل على وجوب الاجتناب عن كل قذر بالقذارة الباطنية التي يعبر عنها في لغة الفُرس بلفظ پليد فتكون المتنجسات خارجة عنها جزماً. إنّ الرجس قد يطلق على مطلق القبائح والمعاصي، وقد عرفت ذلك في الهامش من القاموس وغيره). وهذا ما ذكره مختصراً صاحب الميزان رحمه الله بقوله: والرجس بالكسر فالسكون صفة من الرجاسة وهي القذارة، والقذارة هيئة في الشيء توجب التجنب والتنفر منها، وتكون بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير. وبحسب باطنه وهو الرجاسة والقذارة المعنوية كالشرك والكفر وأثر العمل السيء، قال تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ" (التوبة 125).

جاء في كتاب الاجتهاد والتقليد للسيد ابو القاسم الخوئي: الجامعة الكبرى للشيعة كانت مدينة النجف الاشرف الجامعة الوحيدة بين البلدان لدرس الفنون والمعارف الالهية منذ هبط إليها الشيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي بعد أن لاقى ببغداد من الحنابلة غصصا وكابد مالا يغض الطرف عنه يوم هجموا على داره بالكرخ سنة 448 واحرقوا كتبه واثاره ونهبوا داره وجرى لهم مع شيخه المفيد محمد بن محمد بن النعمان ما هو أفضع واشنع حتى اخرجه عميد الجيوش إلى خارج بغداد في سنة 393 وسنة 398 غير ان شفاعة علي بن مزيد ارجعته إلى مقره ببغداد كما نهبوا دار الشريف المرتضى في سنة 422 وقتلوا جماعة من الشيعة. في سنة 448 ه‌ حل الشيخ الطوسي هذه البقعة المغمورة بالفيوضات الالهية ببركات باب مدينة علم الرسول فانضوى إليه أهل الفضيلة ممن قطنها قبلها للاقتباس من اثاره والاستضائة من معارفه التي حباه المهيمن سبحانه بها وتزاحمت العلماء على الانتهال من بحره المتموج باسرار اهل البيت عليهم السلام وكانت حلقات مجالس الدراسة ورواية الحديث في ايامه وثيقة الاطرف واصبحت النجف مركزا للزعامة العلمية وجامعة كبرى لنشر الفقه والاصول والحديث والتفسير والفلسفة العالية والرجال والادب ولم تكن الدراسة فيها على نهج ترتيب الصفوف والتدرج من صف لآخر يتلقى التلميذ دروسه من استاذه على حسب المنهج المقرر له لا يتخطاه. وانما هناك حلقات تضم الفاضل والافضل وغيرهما يلقى عليهم الاستاذ نتيجة بحثه عن ادلة الاحكام وتضارب الاقوال فيوفق بين الجيمع بثاقب فكره والملكة المرتكزة فيه ويجزم بما ينتج عنده فيفيضه على الطلاب وبهذا تتجلى مقدرة الاستاذ العلمية كما يعرف مبلغ التلميذ من الفضيلة وحتى إذا تمكنت فيه ملكة استنباط الفروع من اصولها يمنحه الاستاذ الشهادة بالاجتهاد فيؤب إلى بلاده حاملا من تلك الجامعة الكبرى (النجف الاشرف) ما هو أعز عنده من كل نفيس للتبشير والدعوة إلى دين التوحيد دين السلام والامن دين التضامن والعطف دين الاخاء والحرية وبن يسترشد الضال ويتفقه الجاهل ويقام الامت وإلاود ويكون هو الفرد الاكمل لقوله تعالى: "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون" (التوبة 122). ولقد تخرج من هذه الجامعة مئات العلماء الاعلام الذين حازوا بفضل جدهم وسعيهم اقصى مراتب الاجتهاد وآثارهم في الفقه والاصول والعقائد والتفسير والفلسفة والرجال كلها موجودة احتفظت بها رجال العلم والادب وقد سدت فراغا كبيرا في المكتبة العربية. والفضل في نشرها وتسهيل الوصول إليها يعود إلى الامة الفارسية المركزة على التشيع الصحيح فانها التي اخرجت من المطابع الآفا منها في مختلف الفنون ولولا هذه الامة الساهرة لما فيه حياة المذهب لانهار التشيع من اصله لا زالت مكلوأة بنظرات رحيمة من حجة العصر عجل الله فرجه ولما اجاب شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي داعي السماء في سنة 460 ه‌ بعد ان اقام في النجف اثنى عشر سنة قام ولده أبو علي الحسن ابن محمد مكانه فانعكف عليه العلماء للاقتباس من معارفه فاستجازه ذووا الفضل في رواية الحديث واستشهدوه على ما تحلوا به من ملكة الاجتهاد الصحيح واماليه المطبوع مع امالي ابيه يصور الحقيقة باجلى مظاهرها. الاجتهاد المعاصر واستمرت الهجرة إلى النجف من ذلك العهد إلى العصر الحاضر وان تحلت باعلام الامامية (الحلة والحاير وسامراء) في فتراة من الزمن لكن حلقات الدراسة في هذه (الجامعة) متواصلة ولا يتحمل المقام وصف الثقافة في تلكم العصور متسلسلا إلى ايام السيد بحر العلوم فالشيخ الاكبر كاشف الغطاء إلى مجدد المذهب في كتابه الحاوي لما حرر من مسائل الشريعة مع تحقيق عميق (صاحب الجواهر) فاذعن اولوا النهي بفضله وتسابقوا إلى اختزان جواهره والاقتباس من ارائه الثاقبة. وحيث ان المولى تعالت اياديه لم يخل الارض من مصلح مجاهر بالدعوة الالهية يزيح الاوهام ويدعوا إلى سبيل ربه بالحكمة ويرشد إلى الطريقة المثلى غمر الفيض الربوبي شخصية شيخنا " الانصاري " ومنحته المشيئة القدسية مواهب ميزته على من تقدمه من الاعلام فكان مرموقا في الفضائل جمعاء. لذلك اتخذ رواد المعارف كتابيه " الرسائل " في اصول الفقه و " المتاجر " في الفقه الجعفري اساس التعليم والدراسة العالية واكثر المحققون من تلامذته وغيرهم من التعليق عليهما والتنبيه على ما فيهما من دقايق العلم. وكان للدراسة فيهما أيام شيخ المحققين المولى محمد كاظم الخراساني نور الله ضريحه سوق رابح فلقد هبط هذه المدينة (النجف) في أيامه الجم الغفير من العلماء للاستضائة من ارائه وتحقيقاته وقام من بعده اساتذة الفن من الاعلام المحققين يفيضون على الطلاب ما انتهلوه من بحر علم آل البيت.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك