الصفحة الإسلامية

أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 47)


الدكتور فاضل حسن شريف

1076- عن سماحة الشيخ محمّد صنقور: فتلك هي الغايةُ التي بُعث لها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتلك هي الوظيفةُ التي كان عليه القيام بها، وعلى ذلك جرت سيرتُه المباركة في العهد المكي يدعو إلى التوحيد ونبذ الشرك وعبادة الأوثان، ويدعو إلى العدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكرِ والبغي وأكلِ مال اليتيم واستضعافِ النساء والفقراء والمُعدَمين، ويدعو إلى انصاف المظلوم وأداءِ الحقوق والوفاء بالعهود، ويدعو إلى التسامحِ وصلةِ الأرحام وإصلاحِ ذات البَين والتعاون على البرِّ والتقوى، وعدم الممالئةِ والتواطئ على الظلم والعدوان، ويدعو إلى الصدقِ وأداء الأمانة والتحلِّي بمكارم الأخلاقِ ومحاسن الصفات وسجايا الخير، ويحضُّ على طعامِ المسكين والتواضعِ ونبذ العصبيَّة وحميَّة الجاهليَّة، ونبذ والاستكبارِ والتعالي على الضعفاء وامتهانِهم وتسخيرِهم بغير وجه حقٍّ، ويُشدِّد على احترامِ الدماءِ والأعراض وعدم التعدِّي عليها وعلى أموال الناس والأكل لها بالباطل بالسرقةِ والغصبِ والابتزازِ والقمارِ والغشِّ والغبنِ والاحتيالِ وبخسِ المكيالِ والميزانِ والربا والاستئثار، وكان يدعو إلى الاعتناء بذوي الحاجة والخصاصة والسعي في قضاء حوائجهم ومواساتهم بل وإيثارهم على النفس، وكان يدعو إلى نبذ التمايز والتفاخر بالأنساب والأعراق، ويؤكد أنَّه لا فضل لعربيٍّ على أعجمي ولا لأبيضَ على أسود وأنَّ الناس سواسية كأسنان المشط، فليس لأحدٍ أنْ يتعالى على أحدٍ.

1077- جاء في کتاب الحديث النبوي بين الرواية والدراية للشيخ جعفر السبحاني: أخرج أبو داود في سننه، عن رجل من الاَنصار، عن حذيفة، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: لكلّ أُمّة مجوس، ومجوس هذه الاَُمّة الذين يقولون لا قدر، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته، ومن مرض منهم فلا تعودوهم، وهم شيعة الدجال، وحقّ على اللّه أن يلحقهم بالدجال. لا شكّ انّ القضاء والقدر من العقائد الاِسلامية التي لا يخفى على إنسان له أدنى إلمام بالقرآن والسنة قال سبحانه: "إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِين * فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم" (الدخان 3ـ4). والليلة المباركة هي ليلة القدر ، قال سبحانه: "إِنّا أَنْزلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْر" (القدر 1) وقد ورد في غير واحدة من الآيات انّ كل ما يصيب الاِنسان فقد قُدِّر من قبل أن يصيبه، قال سبحانه: "ما أَصابَمِنْ مُصِيبَةٍ فِي الاََرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إنَّ ذلِكَ عَلى اللّهِ يَسِير" (الحديد 22). فمصير الاِنسان تابع لاَمرين، أحدهما: ما يصيبه من دون أن يكون له فيها دور أو إختيار، كالاَُمور الخارجة عن اختياره من موته ومرضه إلى غير ذلك. وثانيهما: الاَفعال التي تعد ملاكاً للثواب والعقاب والتحسين والتقبيح. فليس معنى التقدير هو سلب المسوَولية والاختيار عنه، بل تقديره سبحانه، هو انّه خلق الاِنسان فاعلاً مختاراً وقدَّر أن يكون هو مصدراً للاَعمال عن اختيار. أقول: إنّ القدر بالمعنى الذي جاء في هذه الرواية وغيرها من الاَفكار التي طرحت بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفرّق المسلمين إلى فرقتين. إحداهما: فرقة تفسّر الكون وما يصدر من الاِنسان بتقديره سبحانه، و انّه لا موَثر ولا فاعل ولا سبب إلاّ اللّه سبحانه، و انّه ليس ثمة دور للفواعل الطبيعية كالنار والماء ولا لغيرهما من الفواعل العالمة والمريدة. فالقدر بهذا المعنى هو الجبر المطلق، وقد بثتها اليهود في الاَوساط الاِسلامية، ولاَجل ذلك ذهبوا إلى أنّيد اللّه سبحانه مغلولة بعد التقدير لا يمكن له أن يبدل القدر، قال سبحانه: "وَقالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا" (المائدة 64). وقد اغترّ السُّذّج من المسلمين بهذه الاِسرائيليات، وحيكت العديد من الروايات لدعم فكرة القدر، وإعطائها حجماً أكبر ممّا تستحق، وانّها نافذة تطل على الكون والحياة الاِنسانية وما يصدر من الخير والشرّ، ومنها هذه الرواية. ثانيهما: إثبات الاختيار للاِنسان وجعل المسوَولية على عاتقه في المجال الذي يناط به الاِيمان والكفر، والثواب والعقاب، والحسن والقبح، على وجه يجتمع مع القول بقضائه سبحانه وقدره بالبيان التالي: إنّ تقديره سبحانه يشمل جميع العلل والفواعل، والجماد و الحيوان والاِنسان، ولكن تختلف كيفية التقدير حسب اختلاف ذوات الفواعل، فالتقدير في الفاعل الطبيعي هو أن يصدر منه الفعل جبراً بلا اختيار، ومثله ما يصدر من الحيوان، فانّه وإن كان فاعلاً شاعراً، ولكنّه فاعل غير مختار، فالتقدير فيه صدور الفعل عن شعور بلا اختيار. ويقابلها الاِنسان فهو فاعل شاعر مختار، فتقديره سبحانه هو أن يكون مبدءاً لفعله عن شعور واختيار، مختاراً في فعله وتركه، غير مجبور على واحد من الطرفين، فاللازم الاحتفاظ بأصلين: الاَوّل: شمولية التقدير لكلّ فاعل طبيعي وغير طبيعي، حتى لا يخرج شيء في عام الوجود عن مجال تقديره وقضائه. الثاني: التحفظ على كون الاِنسان فاعلاً مختاراً يصدق في حقّه قوله سبحانه: "فَمَنْ شاءَ فَلْيُوَْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُر" (الكهف 29). فأصحاب التقدير الذين يحتلّ عندهم القدر مقاماً شامخاً، يأخذون بالاَصل الاَوّل ويذرون الاَصل الثاني، ولكن الاِنسان الواعي يأخذ بكلا الاَصلين ولا يُبطل أحدهما بالآخر. فمن أمعن في الروايات المروية حول القضاء والقدر يستنبط انّها تروّج فكرة جبرية يهودية، بزعم انّ التقدير يخرج الاَمر عن اختياره سبحانه، واختيار فاعله فردّ عليها سبحانه بقوله: "وقالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا" (المائدة 46) وغيره مما ورد في تقرير كون الاِنسان فاعلاً مختاراً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك