الصفحة الإسلامية

ذكر القرآن والمصطفى في كتاب زيارة الأربعين للمؤلف تاج الدين (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في کتاب النور المبين في شرح زيارة الأربعين للمؤلف مهدي تاج الدين: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من اخلص لله أربعين يوماً تنفجر ينابيع الحكمة في قلبه). لابد للإنسان الذي يريد الترقّي في سُلَّم الكمال من المعرفة فإن الفضل بالمعرفة (افضلكم افضلكم معرفة) وهي التي تقود إلى العبادة الحقة الخالصة ، ومن هنا صار نوم العالم أفضل من قيام الجاهل لأن قيمة الإنسان بالمعرفة. ومن هذا المنطلق تعتبر زيارة أربعين الإمام الحسين عليه السلام خطوةً في طريق معرفة ائمة أهل البيت. فبهذه المعرفة يزداد الإنسان عملاً فقد جاء في الحديث الشريف: (المعرفة تدل الإنسان على العمل والعمل على المعرفة) وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : (لا يقبل الله عملاً إلّا بمعرفة ولا معرفة إلّا بعمل فمن عرف دلته المعرفة على العمل). فالظلمات التي يعيشها الإنسان هي السبب في هذا البعد عن الحقّ والحقيقة ، فلابد من علاج ولا نرى علاجاً ناجعاً إلّا بالتوجّه إلى أهل بيت الطهر والطهارة إلى الإمام الحسين عليه السلام والأئمة الأطهار من أهل البيت: ومعرفتهم حق المعرفة والتزوّد منهم، لأن القلب لو أُسود واظلَمَّ بشيء من قاذورات المعاصي فإنه يطهر بدخوله إلى حرم الإمام الحسين عليه السلام وزيارته عليه السلام بخشوع، ويخرج منها طاهراً، لأن الحسين عليه السلام يطهر القلب والروح كما يطهر الماء البدن، ولا قياس لأنهم هم أهل بيت الطهر والطهارة كما قال تعالى: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" (الاحزاب 33) وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن من وقف قرب بائع العطر يصيبه شيء من ذلك العطر) وهكذا الذي يدخل إلى العطر المعنوي وينغمس فيه فسيكون مصدراً للعطر أينما حل. إن في زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام من المكاسب الروحية والفوائد الفكرية والأخلاقية ما ليس مثلها في زيارة أيّ مرقد وضريح آخر ، وسوف نشير إلى ذلك من خلال الروايات التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن أئمة أهل البيت : في خصوص فضل زيارة قبر الحسين عليه السلام.

وعن زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام يقول المؤلف مهدي تاج الدين: عن أبي خالد ذي الشامة، قال: حدثني أبو اسامة قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: مَن أراد أن يكون في جوار نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وجوار علي وفاطمة فلا يدع زيارة الحسين بن علي عليه السلام. عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (مَن أراد أن يكون في كرامة الله يوم القيامة وفي شفاعة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فليكن للحسين زائراً ينال من الله الفضل والكرامة وحسن الثواب، ولا يسأله عن ذنب عمله في حياة الدنيا، ولو كانت ذنوبه عدد رمل عالج وجبال تهامة وزبد البحر، إنّ الحسين عليه السلام قُتل مظلوماً مضطهداً نفسه عطشاناً هو وأهل بيته وأصحابه). عن أبي سعيد المدائني، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك أتي قبر ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اطيب الطيبين واطهر الأطهرين وأبر الأبرار، فإذا زرته كتب الله لك عتق خمسة وعشرين رقبة. وفي كامل الزيارات روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: كان الحسين بن علي عليهما السلام ذات يوم في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلاعبه ويضاحكه فقالت عائشة: يا رسول الله ما أشد إعجابك بهذا الصبي؟ فقال لها: ويلك وكيف لا أحبه ولا أعجب به وهو ثمرة فؤادي وقرة عيني، أما إن أُمتي ستقتله فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي، فقالت: يا رسول الله حجة من حججك، قال: نعم، وأربعة، قال: ولم تزل تزاده وهو صلى الله عليه وآله وسلم يزيد ويضعف حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله بأعمارها. معنى أن حقيقة الزيارة هو الحضور عند المزور فتحقق هذا المعنى من الزائر لهم: مشكل جداً إلّا إذا عمل بوظائف الزيارة وهي على قسمين: الأول: الوظائف التي تجب مراعاتها ظاهراً. الثاني: التي تجب مراعاتها باطناً. أمّا الأول: ففيه أُمور: الأمر الأول: قال الله تعالى: "فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى" (طه 12)، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ" (الحجرات 2-3). دلّت هذه الآيات على لزوم إكرام الروضات المقدسة، وخلع النعلين بعيداً عنها ولا سيما في الطف والغري لما روي أن الشجرة كانت في كربلاء وأن الغري قطعة من الطور، فهما المحل الذي أمر موسى عليه السلام بتلك الآداب، كما دلّت هذه الآيات على لزوم خفض الصوت عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعدم جهر الصوت لا بالزيارة ولا بغيرها إلّا بالنحو المتعارف الذي يكون مصداقاً للصوت. ولما روي، كما عن المجلسي: إن حرمتهم بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم. وكذا عند قبور الأئمة: لما ورد: أن حرمتهم كحرمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فعلم أنه لابد من إزالة ما به هتك إحترامهم ، ولابدّ من خفض الصوت عندهم. الأمر الثاني: أن يكون متطهّراً من الحدث والخبث. قال الشهيد في الدروس: للزيارات آداب، أحدها: الغسل قبل دخول المسجد، والكون على طهارة، فلو أحدث أعاد الغسل ، قاله المفيد، وإتيانه بخضوع وخشوع في ثياب طاهرة نظيفة جدد. فعن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: "خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ" (الاعراف 31)، قال عليه السلام: الغسل عند لقاء كل إمام.

وعن الطواف بمراقد النبي والأئمة عليهم السلام يقول مؤلف الكتاب: قد اشتهر في أنه هل يجوز الطواف بمراقد النبي والأئمة: أم لا؟ فقيل بالثاني استناداً إلى ما عن علل الشرائع كما في البحار بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تشرب وأنت قائم ولا تطف بقبر، ولا تبل في ماء نقيع فإنه من فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومنّ إلّا نفسه، ومن فعل شيئاً من ذلك لم يكن يفارقه إلّا ما شاء الله. قال صاحب الأنوار الساطعة فيه: ما لا يخفى من المنع توضيحه: قال في المجمع: والطواف الغائط ومنه الخبر: لا يصل أحدكم وهو يدافع الطواف، ومنه الحديث: لا تبل في مستنقع ولا تطف بقبر. فعلم أن المراد من قوله: ولا تطف بقبر، وهو النهي عن التغوط. ويؤيده ما قاله في النهاية: الطوف، الحدث من الطعام، ومنه الحديث نهى عن متحدثين على طوفهما أي عند الغائط. وهناك شواهد أُخر من الأحاديث على أن المراد منه هو التغوط، ففي حديثين وردا عن راو واحد بسياق واحد في بيان موجبات تسرّع الشيطان إلى الإنسان وهي أُمور: منها التخلي عند قبر وذكر في الآخر ولا تطف بقبر مكانه فيعطى الظن القوي بأن المراد من قوله لا تطف بقبر هو النهي عن التخلي عند قبر، وتوضيحه في محله على أنه يمكن النهي عنه بعنوان طواف البيت من حيث العدد المخصوص. مضافاً إلى إنه ورد في الزيارة الجامعة لأئمة المسلمين: إلّا أن نطوف حول مشاهدكم . وفي بعض الروايات: قبّل جوانب القبر. وفي الكافي بإسناده عن محمد بن أبي العلاء قال: سمعت يحيى بن أكثم قاضي سامراء بعد ما جهدت به وناظرته وحاورته ، وواصلته وسألته عن علوم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال: بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأيت محمد ابن علي الرضا عليه السلام يطوف به فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إليّ، الخبر. في فهذا الخبر صريح بأنه عليه السلام كان يطوف بالقبر الشريف. نعم الأحوط أن لا يطوف إلّا للإتيان بالأدعية والأعمال المأثورة لما حول القبر. والحاصل: أن المشي حول القبر مطلقاً بقصد تقبيل جوانب القبر، أو ذكر الأدعية الواردة ليس طوافاً كطواف البيت، وإن أطلق عليه لفظ الطواف، بل الظاهر أن المشي حول البيت بدون قصد المأمور به ليس الطواف الشرعي الذي هو من أعمال الحج والعمرة. نعم هو طواف لغوي كالطواف حول القبور. فالظاهر أنه لا إشكال في الطواف بهذا المعنى حول قبور الأئمة عليهم السلام. هذا مع أنه يمكن تخصيص المنع بقبر غير المعصوم جمعاً وبين ما دلّ على عمل المعصوم الطواف به كما تقدم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك