الصفحة الإسلامية

اشارات قرآنية في كتاب المسقاة والمضاربة والوديعة للسيد محمد سعيد الحكيم


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب مصباح المنهاج / المزارعة، المسقاة، الجمالة، السبق، الرماية، الشركة المضاربة، الوديعة، العارية للسيد محمد سعيد الحكيم: ما ذكره بعض مشايخنا قدس سرهم: في كتاب المساقاة وأشار إليه في الجواهر من أن مقتضى قوله تعالى: "لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ" (النساء 29) النهي عن كل معاملة لا تكون تجارة عن تراض، وحيث لا تكون العقود المتضمنة لتمليك المعدوم منها تعين البناء على النهي عنها ما لم يثبت جوازها ونفوذها بالدليل المخرج عن العموم المذكور. وفيه أولًا: أن الحصر في المقام إضافي، إذ لا ريب في جواز أكل المال بوجوه كثيرة غير التجارة، كما تقدم منّا التعرض لذلك عند الكلام في اعتبار المالية في العوضين في أوائل مقدمة كتاب التجارة. خصوصاً بناء على ما ذكرناه في أول المقدمة المذكورة من اختصاص التجارة بالبيع دون بقية المعاملات. وثانياً: أنه لو تم عموم الحصر في الآية الشريفة لجميع المعاملات فلا يتضح الوجه في قصورها عما إذا كان أحد العوضين معدوماً حين إجراء العقد، بحيث لا يشمل مثل بيع الثمار.

وعن الاجارة يقول آية الله العظمى السيد الحكيم قدس سره: أخذ الجعل على العمل إذا أمر به الجاعل، وبعضها وارد لبيان جواز أخذ الأجر على بعض الأعمال كالسمسرة والمداواة من دون نظر فيه إلى كيفية المعاملة، وأنها بنحو الجعالة المصطلحة أو الإجارة المبنية على الالتزام والالتزام بين الطرفين. فلا تنهض بإثبات نفوذ الوعد المجرد الذي هو محل الكلام، خصوصاً فيما إذا لم يحرز تحقق المطلوب من العمل، كردّ الضالة والآبق، لاحتمال عدم عثور العامل عليهما. وهذا بخلاف حديثي علي بن جعفر ووهب المتقدمين، لقرب كون المراد بهما ما لابد فيها من الإيجاب عامّاً، مثل: من رد عبدي الآبق أو بنى جداري‌ هو المعهود الشائع بين الناس من وعد صاحبهما بالجعل لرادهما. ومثله الاستدلال في المبسوط والتذكرة وغيرهما بقوله تعالى‌: "وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ‌" (يوسف 72). إذ هو- مع ابتنائه على استصحاب أحكام الشرائع السابقة، وعلى أن المنادي جار على شريعة يوسف عليه السلام، لا على دين الملك- يشكل بأن الآية الشريفة إنما تضمنت صدور الوعد المذكور دون نفوذه وإلزام القائل به شرعاً. وأضعف منه استدلاله بخبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام: (قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل في جعل الآبق ديناراً إذا أخذه في مصره، وإن أخذه في غير مصره فأربعة دنانير). وقد يرجع إليه ما في معتبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه: (أن علياً عليه السلام قال في جعل الآبق: إن المسلم يرد على المسلم).

وعن كتاب الوديعة يقول المرجع السيد محمد سعيد الحكيم في كتابه: ففي المبسوط أن دعوى الرد تقبل بيمينه. وعليه جرى في جواهر القاضي والسرائر والشرايع والنافع والجامع وكتاب الوكالة من التذكرة وفي التحرير والإيضاح واللمعتين وجامع المقاصد والمسالك وغيرها. وفي التنقيح والمسالك والروضة أنه المشهور، وفي السرائر وعن المهذب البارع الإجماع عليه. واستشكل فيه في كتاب الوديعة من التذكرة والإرشاد والقواعد وكتاب الوكالة من المختلف. بل جزم بعض مشايخنا بأن القول قول المالك بيمينه. وقد استدل في كلماتهم على تقديم قول العامل بأن الاستيداع والاستثمان يقتضي قبول قوله، لأنه محسن لا سبيل عليه. غاية الأمر أنه خرج عن ذلك اليمين بالإجماع. وهذا بخلاف مثل المستأجر والمرتهن والمضارب والمستعير ممن يقبض الأمانة لمصلحة نفسه، حيث لا يكون محسناً، فيجري عليه حكم المدعي من التكليف بالبينة. وفيه: أن ذلك لا يخرج عن الاستحسان غير الصالح للاستدلال. ونفي السبيل عن المحسنين إنما ورد في قوله تعالى: "لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‌" (التوبة 91). وهو ظاهر في نفي مؤاخذة المكلف على ترك ما هو مطلوب بطبعه إذا كان تركه له لقصور فيه مع حسن نيته، ولا عموم له لغير المؤاخذة مما تقتضيه القواعد الشرعية في مقام الثبوت كالضمان بالإتلاف غير المتعمد أو مقام الإثبات، كالبينة واليمين في المقام. وإلا فثبوت اليمين في المقام ليس إجماعياً، كما يظهر مما تقدم، ليكون هو المخرج القطعي عن مقتضى عموم نفي السبيل لو تم، بل ليس الدليل عليه إلا عموم تكليف المنكر باليمين، وهو كعموم التكليف المدعى بالبينة، وإنما الكلام في تعيين المدعي من المنكر في المقام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك