الصفحة الإسلامية

اشارات السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره عن القرآن الكريم من سورة البقرة (ح 78)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: تركيز الأديان على الثواب والعقاب الأخرويين: وعلى هاتين الحقيقتين البديهيتين الفطريتين ترتكز الأديان عامة في حمل الناس على سماع دعوتها والنظر في أدلته، ثم اعتناقها والالتزام بتعاليمها بعد ثبوتها ووضوح حجته. وذلك بعد أن أكدت الأديان على معاد الإنسان بعد الموت، ثم نيله الجزاء بالثواب العظيم على الإيمان بالدين والتزام تعاليمه، والعقاب الشديد على التسامح في ذلك والتفريط فيه. وفي القرآن المجيد مضامين عالية في الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، تهز الناظر فيها شوقاً للثواب وفَرَقاً من العقاب. نماذج من العرض القرآني للثواب والعقاب الأخرويين: قال عزّ من قائل: "وَلَو يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إذ يَرَونَ العَذَابَ أنَّ القُوَّةَ للهِ جَمِيعاً وَأنَّ اللهَ شَدِيدُ العَذَابِ* إذ تَبَرَّأ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِن الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأوا العَذَابَ وَتَقَطَّعَت بِهِم الأسبَابُ* وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَو أنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأ مِنهُم كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِم اللهُ أعمَالَهُم حَسَرَاتٍ عَلَيهِم وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِن النَّارِ" (البقرة 165-167).

وعن كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: الظاهر أن وقوع صيغة الامر وأداته عقيب النهي أو في مورد توهمه مانع من ظهورها في البعث نحو الفعل، فضلا عن الالزام به. كما أن وقوع أداة النهي عقيب الامر أو في مورد توهمه مانع من ظهورها في الزجر عن الفعل، فضلا عن كونه بنحو الالزام. لأنها وإن لم تخرج عما استعملت فيه من النسبة البعثية أو الزجرية ، إلا أن ما سبق من أصالة كون الداعي للاستعمال هو البعث أو الزجر بمقتضى بناء أهل اللسان لا يجري في الموردين المذكورين، بل المتيقن لهم كون الداعي رفع النهي أو الامر السابقين أو بيان عدمهما. ولا مجال لما يحكى عن بعض العامة من عدم خروج صيغة الامر في المورد المذكور عن الدلالة على الوجوب، فضلا عن أصل الطلب. ومثله ما عن المشهور من دلالتهما على الإباحة لو أريد بها الإباحة بالمعنى الأخص التي هي أحد الأحكام الخمسة، لعدم المنشأ لذلك. وإن أريد بها الإباحة بالمعنى الأعم ، التي هي محض الاذن في الفعل وعدم النهي عنه طابق ما ذكرناه. هذا ، وعن بعضهم أن الامر إن علق بزوال علة النهي كان ظاهرا في رجوع الحكم الثابت قبل النهي، كما في قوله تعالى: "فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ" (البقرة 222). ويجري نظيره في النهي ، فهو لو علق بزوال علة الامر كان ظاهرا في رجوع الحكم الثابت قبله. وهو قد يتجه لو كانت علة النهي أو الامر المرتفعين من سنخ العنوان الثاني الطارئ على العنوان الأولي والمانع عن تأثير مقتضيه، كما في الآيتين المتقدمتين، لان مقتضى انتهاء أثر العنوان الثانوي المذكور بارتفاعه فعلية الحكم الأولي، لارتفاع المانع عنه. ولا مجال له في غير ذلك بأن تكون علة النهي أو الامر المرتفعين من سنخ العنوان المعاقب للعنوان الموجب للحكم الأول، لا طارئا عليه مجتمعا معه. فمثلا لو كان السلام على الصبية مستحبا ، ونهي عن السلام على الشابة، ثم ورد: فإذا شابت المرأة فسلم عليها، لا مجال لدعوى ظهوره في عود استحباب السلام عليها الثابت حين صباها، لان ارتفاع حكم الشابة عنها لا يستلزمه. بل عود الحكم الأولى في الأول لا يستند لظهور الصيغة، بل لاطلاق دليله أو عمومه الأحوالي، حيث يقتصر في الخروج عنه على صورة ثبوت الحكم المنافي له بطورء العنوان الثانوي، وإلا فمجرد ارتفاع الحكم الثانوي تبعا لارتفاع عنوانه لا ينافي ثبوت حكم ثانوي آخر تبعا لطروء عنوان ثانوي آخر، مانع من فعلية الحكم الأولي ، ولا دافع لاحتمال ذلك إلا الاطلاق أو العموم المذكور.

جاء في كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: ماء الاستنجاء طاهر أو لا ينجس من بين الغسالات، والدم المتخلف في الذبيحة طاهر من بين دمائها، وبعض الأمور تطهر بالتبعية، والكافر وما يلحق بن قد اشتهر القول بنجاساتهم عينا، إلى غير ذلك. هذا ، وقد ذكر بعض الأعيان المحققين قدس سره أن نجاسة ما يستقذر عرفا حقيقية واقعية، بخلاف غيره، حيث لا تكون نجاسة إلا ادعائية تنزيلية. وهو كما ترى مع مخالفته لظاهر الأدلة يبتني: أولا: على مطابقة النجاسة للقذارة العرفية مفهوما، وقد سبق المنع منه. وثانيا: على اطلاع العرف على جميع القذرات، بحيث يكشف عدم استقذارهم للشئ عن عدم قذارته، ولا مجال للبناء عليه، لامكان اطلاع الشارع على ما يخفى على العرف من القذرات ، ولا سيما مع اختلاف الأعراف فيها. على أن لازمه البناء على نجاسة المستقذرات العرفية وترتب أحكام النجاسة عليها، عملا بعموماتها ، إلا ما دل الدليل على عدم ترتب الاحكام عليه ، فيخرج عن العمومات تخصيصا لا تخصصا، ولا يظن من أحد البناء على ذلك. مضافا إلى أن بعض النجاسات غير المستقذرة لم تستفد نجاستها من الحكم بها بعنوانها، ليتعين حمله على الادعاء والتنزيل بلحاظ جميع الأحكام بعد تعذر حملها على الحقيقة، لفرض عدم استقذارها عرفا، بل مما تضمن بعض آثار النجاسة ولوازمها العرفية، كالأمر بالغسل والاهراق ونحوهما، فمع فرض عدم حملها على النجاسة لا وجه للتعدي إلى سائر الأحكام. فتأمل جيدا. ثم أن ما ذكرنا في وجه كون النجاسة والطهارة الخبثية اعتباريتين يجري نظيره في الحدث الأكبر والأصغر، والطهارة الحدثية المائية والترابية، فإن سبر النصوص قاض بتبعيتهما للجعل الشرعي تبعا للملاكات الخارجة عن خصوصية البدن، كما يظهر مما تضمن طهورية الماء والتراب، وما تضمن تعليل تخفيف الوضوء بأن الفرائض إنما وضعت على قدر أقل الناس طاقة، وتعليل غسل أعضاء الوضوء ومسحها بأن آدم عليه السلام قد باشر بها الخطيئة، وتعليل عدم وجود الغسل من البول والغائط بأنه شئ دائم لا يمكن الاغتسال منه كلما يبتلى به، و "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" (البقرة 286)، وما تضمن أن الوضوء حد من حدود الله ليعلم من يطيعه، ومن يعصيه، وإن المؤمن لا ينجسه شئ، وأن غسل الجنابة أمانة ائتمن الله عليها عبيده ليختبرهم بها. بل هو المقطوع به بلحاظ الاكتفاء في أسباب الطهارة بالميسور من ذي الجبيرة ونحوه، وبما تقتضيه التقية، والانتقال للطهارة الترابية عند تعذر المائية، وغير ذلك.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك