الصفحة الإسلامية

الشاذون في قصة قوم وزوجة لوط عليه السلام (ح 2)


الدكتور فاضل حسن شريف

تكملة للحلقة السابقة ورد اسم نبي الله لوط عليه السلام في القرآن الكريم كما قال الله تعالى "فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ" ﴿الحجر 61﴾ آل اسم، آل لُوطٍ: النبي لوط عليه السلام وابنتاه، فلما وصل الملائكة المرسلون إلى لوط، قال لهم: إنكم قوم غير معروفين لي، و "وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ" ﴿الحج 43﴾ وإن يكذبك قومك أيها الرسول فقد سبقهم في تكذيب رسلهم قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب "مدين" الذين كذبوا شعيبًا، وكذَّب فرعون وقومه موسى، فلم أعاجل هذه الأمم بالعقوبة، بل أمهلتها، ثم أخذتُ كلا منهم بالعذاب، فكيف كان إنكاري عليهم كفرهم وتكذيبهم، وتبديل ما كان بهم مِن نعمة بالعذاب والهلاك؟، و "كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ" ﴿الشعراء 160﴾ لوط اسم علم، قوم اسم، لُوطٍ: النبي لوط وهو ابن أخي إبراهيم عليه السلام، كَذَّبت قوم لوط برسالته، فكانوا بهذا مكذبين لسائر رسل الله، لأن ما جاؤوا به من التوحيد وأصول الشرائع واحد، و "إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ" ﴿الشعراء 161﴾، و "قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ" ﴿الشعراء 167﴾ إذ قال لهم أخوهم لوط: ألا تخشون عذاب الله؟ إني رسول من ربكم، أمين على تبليغ رسالته إليكم، فاحذروا عقاب الله على تكذيبكم رسوله، واتبعوني فيما دعوتكم إليه، وما أسألكم على دعوتي لهدايتكم أيَّ أجر، ما أجري إلا على رب العالمين، و "فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" ﴿النمل 56﴾ فما كان لقوم لوط جواب له إلا قول بعضهم لبعض: أَخْرجوا آل لوط من قريتكم، إنهم أناس يتنزهون عن إتيان الذكران.

أهل مدينة سدوم من لوط عليه السّلام الذي بعث لهدايتهم و إنقاذهم من ضلالهم. و قوم لوط سلّط اللّه عليهم الزلزال الشديد ثمّ مطر من الحجارة ممّا أدّى إلى موتهم و فنائهم من الوجود. ولا تأثير للزوج او الزوجة على بعضهما البعض في ثواب وعقاب الله، فهذه زوجة نوح عليه السلام تدخل النار "ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح و امرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين * وضرب الله مثلا للذين امنوا امرأة فرعون اذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" (التحريم 10-11) بينما زوجة الطاغية فرعون تدخل الجنة وهي احدى سيدات النساء. وأهل قرى قوم لوط الذين انقلبت بهم ديارهم بسبب الفعلة المنكرة من الكفر والشرك والفواحش، فعصت كل أمة منهم رسول ربهم الذي أرسله إليهم، فأخذهم الله أخذة بالغة في الشدة. أنّ قوم فرعون و قوم لوط و عادا و ثمود كان قد بلغهم ما انتهى إليه قوم نوح من عاقبة وخيمة، إلّا أنّهم لم يتنبهوا، فابتلوا بما ابتلي به من كان قبلهم من قوم نوح. لحد اليوم الذي يمر على ارض قوم لوط يرى ان هذه الارض لم ينبت فيها اي نبات ولم يستطع الناس البقاء بها. عن السدي: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا: قال إن النبيين يأتون يوم القيامة منهم من أسلم معه من قومه الواحد والاثنان والعشرة وأقل وأكثر من ذلك حتى يؤتى بقوم لوط عليه السلام ولم يؤمن معه إلا ابنتاه فيقال لهم هل بلغتم ما أرسلتم به فيقولون نعم. جاء في موقع اسلام ويب عن أنزال الله الحجارة من سجّيل على قوم لوط بعد قلْب قُراهم: ومما يؤكد أن الحجارة أمطرت عليهم جميعًا، أن أكثر مواضع القرآن التي تذكر عذاب قوم لوط لا تذكر إلا إمطارهم بالحجارة، كقوله تعالى "وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ" (الاعراف 84) فمرة قال: "وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا" أي: قرى قوم لوط، ومرة قال: "وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ" أي: قوم لوط أنفسهم. قال ابن الزبير الغرناطي في (ملاك التأويل): في الأولى: "وأمطرنا عليها" والضمير للقرية، والمراد أهلها .. اكتفى بضمير القرية، وأغنى ذلك عن ذكر المهلكين؛ إذ هم المقصودون بالعذاب، وفي الثانية: "وأمطرنا عليهم" والضمير لقوم لوط. والخلاصة: أن ظاهر الآيات هو أن الله تعالى قد جمع لفجار قوم لوط بين نوعي العذاب، فبدأ برفع قراهم وقلبها، ثم بإمطار الحجارة عليهم جميعا، سواء من كان منهم في القرى أم في خارجها.

جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: وفي الكافي، في حديث أبي يزيد الحمار عن أبي جعفر عليه‌ السلام المنقول في البحث الروائي السابق قال: فأتوا يعني الملائكة لوطا وهو في زراعة قرب القرية ـ فسلموا عليه وهم معتمون فلما رأى هيئة حسنة عليهم ثياب بيض وعمائم بيض قال لهم : المنزل فقالوا: نعم فتقدمهم ومشوا خلفه فندم على عرضه المنزل عليهم فقال: أي شيء صنعت؟ آتي بهم قومي وأنا أعرفهم؟ فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. قال جبرئيل: لا نعجل عليهم حتى يشهد عليهم ثلاث مرات. فقال جبرئيل: هذه واحدة فمشى ساعة ثم التفت إليهم فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله فقال جبرئيل: هذه ثنتان. ثم مشى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم ثم قال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. فقال جبرئيل: هذه الثالثة ثم دخل ودخلوا معه حتى دخل منزلة. فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة فصعدت فوق السطح فصفقت فلم يسمعوا فدخنت فلما رأوا الدخان أقبلوا إلى الباب يهرعون حتى جاءوا على الباب فنزلت إليهم فقالت: عندنا قوم ما رأيت قط قوما أحسن منهم هيئة فجاءوا إلى الباب ليدخلوا. فلما رآهم لوط قام إليهم فقال لهم: يا قوم اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد؟ ثم قال: هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فدعاهم كلهم إلى الحلال فقالوا: ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد، فقال لهم: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد، فقال جبرئيل: لو يعلم أي قوة له. فتكاثروه حتى دخلوا الباب فصاح بهم جبرئيل فقال: يا لوط دعهم يدخلون فلما دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم وهو قول الله عز وجل "فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ" (القمر 37) ثم ناداه جبرئيل فقال له: إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل. وقال له جبرئيل: إنا بعثنا في إهلاكهم فقال: يا جبرئيل عجل فقال: إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب. فأمره يتحمل ومن معه إلا امرأته ثم اقتلعها يعني المدينة جبرئيل بجناحه من سبع أرضين ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نياح الكلاب وصراخ الديوك ثم قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة بحجارة من سجيل. أقول: وما اشتمل عليه آخر الرواية من اقتلاعها من سبع أرضين ثم رفعها إلى حيث سمع أهل السماء الدنيا نياح كلابهم وصراخ ديوكهم أمر خارق للعادة، وهو وإن كان لا يستبعد من قدرة الله سبحانه لكنه مما لا يكفي في ثبوته أمثال هذه الرواية وهي من الآحاد. وفي الدر المنثور، أخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: رحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد. أقول: مقتضى المقام الذي كان يجاري فيه لوط قومه ويأمرهم بتقوى الله والاجتناب عن الفجور، وظاهر سياق الآيات الحاكية للمشاجرة بينه وبين قومه أن لوطا إنما كان يتمنى أنصارا أولي رشد من بين قومه أو من غيرهم فقوله "أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ" (هود 80) يريد به أنصارا من غير القوم من عشيرة أو أخلاء وأصدقاء في الله ينصرونه في الدفع عن أضيافه هذا والركن الشديد معه في داره وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ولذلك لبوه من غير فصل وقالوا "يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ" (هود 81). ولم يكن ليغفل في حال من تلك الأحوال عن ربه وأن كل النصر من عنده حتى ينساه ويتمنى ناصرا غيره، وحاشا مقام هذا النبي الكريم عن مثل هذا الجهل المذموم وقد قال الله تعالى في حقه "آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْما" (الانبياء 74) إلى أن قال "وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ" (الانبياء 75). فقول النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله (إن كان ليأوي إلى ركن شديد) معناه أن معه جبرئيل وسائر الملائكة وهو لا يعلم بذلك، وليس معناه أن معه الله سبحانه وهو جاهل بمقام ربه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك