الصفحة الإسلامية

أم البنين والقرآن الكريم من كتاب الشيخ الخلخالي عن أم البنين (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب امّ البنين عليها السلام النّجم الساطع في مدينة النبيّ الأمين للشيخ علي ربّاني الخلخالي دفاعا عن المرأة: صار تلاميذ إبليس يتفوقون على استاذهم أحياناً "فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين" (الاعراف 175) حيث أخذوا ينظرون لسقوطهم ويعرضونه في زي الأصالة والضرورة والتجدد والتطور ومماشاة عامل الزمن والانسجام مع الجغرافيا، وصار الحرام عادة وسنة اجتماعية يستسيغها الطبع المريض، تماماً كما يستسيغ المعتاد الافيون، فارتفعت الصرخات تنادي كلّ يوم بجديد، تحت شعار جديد، وفي إطار جديد، تحفه الزخارف والمؤثرات بما يناسب ذلك العصر. وكانت المرأة منذ اليوم الأول لحركة الضلال سلاحاً وضحية، ولطالما انخدعت بالكلمات التي تناغي فيها المواقع التي صورها لها المضللون أنها نقاط ضعف وإنها بؤرة حقارة. ولا يعرفوا أن هنالك خديجة بنت خويلد أُم المؤمنين الأُولى صلوات الله عليها تعيش مع النبي وتبقى ذكرى حلوة تنهمر لها دموع سيد الكائنات كلما ذكرت عنده فيقول: خديجة ومن مثل خديجة؟ وكذلك أُم البنين عليها‌ السلام حيث كانت تقدّم أبناء الصديقة فاطمة الزهراء عليها‌ السلام على أبنائها وهي التي علمتهم أن لا سواء بينكم وبين الحسن والحسين وزينب، فموتوا دونهم. وقعدت أُم البنين عليها‌ السلام عن الخروج مع الإمام المعصوم عليه‌ السلام لأنها أصغت بإذن المؤمن المطيع لقوله تعالى "وقرن في بيوتكنّ" (الاحزاب 33) وهي تعتقد أنّ الله أمرها من خلال هذه الآية باعتبارها زوجة سيد الوصيين بما أمر به نساء سيد المرسلين، ولعل هذا هو السبب أو جزء السبب من وراء بقاءها في المدينة وصبرها على مضض وتركها الخروج مع الركب الحسيني.

وعن اختيار المرأة الصالحة يقول الشيخ علي ربّاني الخلخالي في كتابه عن أم البنين عليها السلام النّجم الساطع في مدينة النبيّ الأمين: وعنه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله: اختاروا لنطفكم فانّ الخال أحد الضجيعين. في رواية أخرى : تخيروا لنطفكم فان الابناء يشبهون الأخوال. وفي المثل المعروف : ابن الحلال أشبه بالخال. وقال تعالى :"قَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ" (البقرة 223) قيل: المراد بالتقديم طلب الولد الصالح والسعي في حصوله]. أي اطلبوا المرأة التقية الصالحة لتلد لكم أولاداً صالحين. فقد روي: وانظر في أي نصاب تضع ولدك فان العرق دساس. والمرأة وعاء ينبغي أن يتلطف الرجل ويدقق في اختياره ؛ لئلا تضيع أتعابه وتذهب ذريته أدراج الرياح. قال الله تعالى: "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ" (البقرة 223). وقال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله: إياكم وخضراء الدمن. إنطلاقاً من هذه الحكم دعا أمير المؤمنين عليه‌ السلام أخاه عقيلاً ليختار له امرأة ولدتها الفحولة ، من ذوات البيوت المعروفة بالشجاعة والخلق السامي، فكانت النتيجة اختيار زبدة المخدرات ، والدرة المصفاة (أمّ البنين) عليها أفضل الصلوات، التي انجبت له قمر بني هاشم واخوته النجباء، الذين طبقت شهرتهم الآفاق، وصاروا قبلة للمجاهدين والأحرار ، وبزوا رجال العلم والعرفان، وسبقوا في طريق الخير والحق واليقين. فلو أنّ فلاحاً أراد أن يزرع الشعير لبذل جهده ، وأنفذ ما في وسعه في تطهير الأرض وإعدادها ، واختيار البذرة وطريقة بذرها وسقيها ورعايتها ؛ كي تعطيه النتيجة المطلوبة ، وتحقق له الغاية المرغوبة ، ولكن ـ وللاسف الشديد ـ قد يغفل الانسان بالكامل عن الظروف التي يريد أن ينثر فيها بذور الانسان الذي جعله الله العلة الغائية للموجودات، وخلق من أجله الكون والمخلوقات، والمرأة حرث كما سماها القرآن حيث قال تعالى "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" (البقرة 223). فالمرأة حرث الرجل ومزرعته، ينثر فيها بذر الانسانية ، فلا ينبغي له التهاون في أمرها : غير أنّ من المؤسف أن تجد من لا يهتم بطهارة المحل ، وقد يقيض الله له امرأة عفيفة طاهرة فينصرف عنها الرجل ـ والعياذ بالله ـ ويتورط بالارجاس والخبائث وتسريح النظر في غير ما أحل الله.

وعن قانون الوراثة يقول الشيخ الخلخالي: لقد نص قانون الوراثة في الاسلام على أنّ ما يقدمه الرجل من خير وفضيلة طلباً لرضا الله ـ تعالى ـ يعود عليه وعلى ولده وذريته. روى في البحار عن تفسير العياشي عن الصادق عليه‌ السلام: إنّ الله ليفلح بفلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله، ثم ذكر الغلامين فقال "وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا" (الكهف 82) ألم تر أنّ الله شكر صلاح أبويهما لهما. وفي الارشاد للديلمي عن رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله: إنّ الله يحفظ الرجل في ولده وولد ولده ودويرات حوله. قال: وجاء في تأويل قوله تعالى "وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا" (الكهف 82) إنّه كان بينهما وبين أبيهما الصالح سبعة أجداد وقيل: سبعين جداً. وقد قدّم أبو طالب عليه‌ السلام كلّ خدمة، وضحى بكلّ شيء من أجل رعاية يتيم أخيه عبد الله وحفظه والقيام بشؤونه، وكان بذلك أكفأ من نفذ وصية عبد المطلب فيحفيده، فعوّضه الله عن تلك التضحية ولداً فذاً فريداً عقمت عن مثله النساء كأمير المؤمنين علي عليه‌ السلام، فانك لا ولم ولن تجد له نداً قط. فقد آمن بالنبي ورسالته وهو في العاشرة من عمره، فنال وسام (أول من آمن)، وشارك النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله في كل مواقفه وأيامه ومصائبه ومحنه، وكان عضده وحامل رايته وسيفه الذي أقام به أسس رسالته، وشيّد بيده أركان دينه، ولم يتخلف عنه في موقف مهما كان صغيراً أو كبيراً.

وعن علي عليه‌ السلام في القرآن والسنة يقول الشيخ علي ربّاني الخلخالي في كتابه: ذكر العلامة الحلي في كتاب (نهج الحق) ثمانية وثمانين دليلاً من القرآن الكريم لاثبات إمامة الامام علي عليه‌ السلام حيث شهد أهل السنة أنفسهم أنها نزلت في علي عليه‌ السلام. وأضاف اليها في (ملحقات إحقاق الحق) أربعة وتسعين موضعاً استند فيها إلى كتب العامة. وقد ورد في كتبهم أنّه ما نزلت آية فيها "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا" إلّا وكان علي عليه‌ السلام سيدهم وأميرهم. قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله: إنّ الله تعالى أوحى إليّ في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي: أنّه سيد المسلمين، وامام المتقين، وقائد الغر المحجلين. وعن اسم الامام علي عليه‌ السلام يزيّن الاذان يقول الشيخ الخلخالي: والأحاديث النبوية في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام قد تجاوزت حدّ الاحصاء والحصر ، وقد ذكر في (ملحقات إحقاق الحق) فقط ثمانية مجلدات ضخمة في فضائله المروية عن طريق السنة. ومن العجب أن يقابل النبي الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله بواحد من أمته ، ويجعل كلاً منهما مجتهداً ، وما ينطقه الرسول الأمين هو عين ما ثبت في اللوح المحفوظ، و "إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ" (النجم 4-5) فأين هو عن الاجتهاد برد الفرع إلى الأصل واستعمال الظنون في طريق الاستنباط؟ هذا ؛ بالاضافة إلى أنّ السائغ من المخالفة الاجتهادية إنّما هو ما إذا قابل المجتهد مجتهداً مثله لا من اجتهد تجاه النص المبين، وارتأى أمام تصريحات الشريعة من قول الشارع وعمله. على أننا لا نعلم للخليفة علماً يقاس بعوام المسلمين فضلاً عن سيد أولى الألباب وخاتم المرسلين، فكيف نقول من ثم باجتهاده؟ أجل ؛ كان ثمة سبب آخر من وراء ذلك سوى قصة الاجتهاد، وهو أنّ الناس التفتوا بعد حين أن خليفة النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله حقاً أصبح جليس داره.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك