الصفحة الإسلامية

اشارات السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره عن القرآن الكريم من سورة الأعراف (ح 44)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: وأمر القرآن الكريم بالتزويج الذي يكون به بقاء النوع الانساني. وأمر الانسان بالاحسان إلى زوجتة، والقيام بشؤونها، والى الوالدين والاقربين، والى عامة المسلمين، بل والى البشر كافة. فقال: "إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ" (الاعراف 56). تعاليم القرآن التي نهج فيها منهج الاعتدال، وقد أوجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على جميع أفراد الامة، ولم يخصه بطائفة خاصة، ولا بأفراد مخصوصين، وهو بهذا التشريع قد فتح لتعاليمه أبواب الانتشار ونفخ فيها روح الحياة والاستمرار. فقد جعل كل واحد من أفراد العائلة والبيئة مرشدا لهم، ورقيبا عليهم، بل جعل كل مسلم دليلا وعينا على سائر المسلمين يهديهم إلى الرشاد، ويزجرهم عن البغي والفساد، فالمسلمون بأجمعهم مكلفون بتبليغ الاحكام، وبتنفيذها، أفهل تعلم جنودا هي أقوى وأعظم تأثيرا من هذه الجنود ونحن نرى السلاطين ينفذون إرادتهم على الرعية بقوة جنودهم. ومن الواضح أنهم لا يلازمون الرعية في جميع الامكنة والازمان، فكم فرق بين جند الاسلام، وجند السلاطين.

وعن كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: ويتعرض القرآن لذكر الانبياء فيصفهم بكل جميل ينبغي أن يوصفوا به، وينسب إليهم كل مأثرة كريمة تلازم قداسة النبوة، ونزاهة السفارة الالهية، وإليك نموذج في تنزيه الانبياء وتقديسهم، وإظهارهم على حقيقتهم من القداسة والنزاهة وجميل الذكر "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ" (الاعراف 157).

جاء في كتاب المساقاة للسيد أبوالقاسم الخوئي: قد استدل على حرمة الانتفاع بمطلق المتنجس بجملة من الآيات والروايات. ان المتنجس رجس فيجب الاجتناب عنه. وفيه ان الرجس وإن اطلق على الاعيان النجسة كثيرا، كما اطلق على الكلب في صحيحة البقباق إلا ان الآية لا ترتبط بالمدعى لوجوه منها الاول: ان الظاهر من الرجس هي الاشياء التي يحكم عليها بالنجاسة بعناوينها الاولية، فيختص بالاعيان النجسة، ولا يشمل الاعيان المتنجسة، لان النجاسة فيها من الامور العرضية. الثاني: أن الرجس في الآية لا يراد منه القذارة الظاهرية لكي ينازع في اختصاصه بالاعيان النجسة، أو شموله الاعيان المتنجسة ايضا. بل المراد منه القذارة المعنوية: أي الخمسة الموجودة في الامور المذكورة في الآية، سواء كانت قذرة بالقذارة الحسية أيضا أم لم تكن، والذي يدل على ذلك من الآية إطلاق الرجس على الميسر والانصاب والازلام، فان من البديهي أن قذارة هذه الاشياء ليست ظاهرية ولا شبهة في صحة إطلاق الرجس في اللغة على ما يشمل القذارة الباطنية أيضا، وعليه فالآية إنما تدل على وجوب الاجتناب عن كل قذر بالقذارة الباطنية التي يعبر عنها في لغة الفرس بلفظ بليد فتكون المتنجسات خارجة عنها جزما. الثالث: أن جعل المذكورات في الآية من عمل الشيطان، إما من جهة كون الافعال المتعلقة بالخمر والانصاب والازلام رجسا من عمل الشيطان، فان الرجس قد يطلق على مطلق القبائح والمعاصي، وقد عرفت ذلك في الهامش من القاموس وغيره. وإما من جهة كون تلك الامور نفسها من عمل الشيطان، فعلى الاول تكون الآية دالة رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء. على وجوب الاجتناب عن كل عمل قبيح يصدق عليه أنه رجس، وأما ما لم يحرز قبحه فلا تشمله الآية، وعلى الثاني يكون موضوع الحكم فيها كل عين من الاعيان صدق عليها أنها من عمل الشيطان، وعليه فكل عين محرمة صدق هذا العنوان عليها تكون مشمولة للآية ومن الواضح أن الخمر من عمل الشيطان باعتبار صنعها، أو بلحاظ أن اصل تعليمها كان من الشيطان، وكذلك النصب بلحاظ جعلها صليبا، والازلام بلحاظ التقسيم، كالحظ والنصيب في الزمن الحاضر المعبر، وأما مالا يصدق عليه ذلك وإن كان من الاعيان النجسة كالكلب والخنزير فضلا عن المتنجسات فلا تشمله الآية الرابع: إذا سلمنا شمول الآية للنجاسات والمتنجسات فلا دلالة فيها على حرمة الانتفاع بالمتنجس، فان الاجتناب عن الشئ إنما يكون باجتناب ما يناسب ذلك الشئ، فالاجتناب عن الخمر عبارة عن ترك شربها إذا لم يدل دليل آخر على حرمة الانتفاع بها مطلقا، والاجتناب عن النجاسات والمتنجسات عبارة عن ترك استعمالها فيما يناسبها، ومن القمار عن ترك اللعب، ومن الامهات والبنات والاخوات والخالات وبقية المحارم عبارة عن ترك تزويجهن، كما أن الاجتناب عن المسجد هو ترك العبادة فيه، والاجتناب عن العالم ترك السؤال عنه، والاجتناب عن التاجر ترك المعاملة معه، والاجتناب عن أهل الفسوق ترك معاشرتهم وهكذا وعلى الجملة نسبة الاجتناب إلى ما يجب الاجتناب عنه تختلف باختلاف الموارد، وليست في جميعها على نسق واحد، وعليه فلا دلالة في الآية على حرمة الانتفاع بالمتنجس مطلقا، بل الامر في ذلك موقوف على ورود دليل خاص يدل على وجوب الاجتناب مطلقا. قوله: (مع أنه لوعم التنجس لزم أن يخرج عنه أكثر الافراد). اقول: لا يلزم من خروج المتنجسات كلها من الآية تخصيص الاكثر فضلا عما إذا كان الخارج بعضها، فان الخارج منها عنوان واحد ينطبق على جميع أفراد المتنجس انطباق الكلي على أفراده. ثم إن نسبة الهجر إلى الاعيان الخارجية لا تصح إلا بالعناية والمجاز، بخلاف نسبته إلى الاعمال، فانها على نحو الحقيقة، وعليه فالمراد من الآية خصوص الهجر عن الاعمال القبيحة والافعال المحرمة، ولا تشمل الاعيان المحرمة. ويحتمل أن يراد من الرجز العذاب. وقد صرح بذلك بعض أهل اللغة، كصاحب القاموس وغيره، وعلى هذا فالمراد من هجر العذاب هجر موجباته، كما اريد من المسارعة إلى المغفرة، ومن الاستباق إلى الخيرات المسارعة والاستباق إلى اسبابهما "ويحرم عليهم الخبائث" (الاعراف 157). بناء على صدق الخبائث على المتنجسات وحيث إن التحريم في الآية لم يقيد بجهة خاصة فهي تدل على عموم تحريم الانتفاع بالمتنجسات. وأجاب عنها المصنف بأن المراد من التحريم خصوص حرمة الاكل بقرينة مقابلته بحلية الطيبات. وفيه أن مقتضى الاطلاق هو حرمة الانتفاع بالخبائث مطلقا، فتدل على حرمة الانتفاع بالمتنجس كذلك. والحق أن يقال: إن متعلق التحريم في الآية إنما هو العمل الخبيث والفعل القبيح، فالمتنجس خارج عن مدلولها لانه من الاعيان. لا يقال: إذا اريد من الخبيث العمل القبيح وجب الالتزام بالتقدير. فانه يقال: إنما يلزم ذلك إذا لم يكن الخبيث بنفسه بمعنى العمل القبيح، وقد أثبتنا في مبحث بيع الابوال صحة إطلاقه عليه بدون عناية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك