الصفحة الإسلامية

فرعون وآله في القرآن الكريم (ح 10)


الدكتور فاضل حسن شريف

ورد فرعون في القرآن الكريم: فِرْعَوْنَ، يَا فِرْعَوْنُ، لِفِرْعَوْنَ، وَفِرْعَوْنَ. جاء في معاني القرآن الكريم عن أصل كلمة آل: أول التأويل من الأول، أي: الرجوع إلى الأصل، ومنه: الموئل للموضع الذي يرجع إليه، وذلك هو رد الشيء إلى الغاية المرادة منه، علما كان أو فعلا، ففي العلم نحو: "وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم" (ال عمران 7). و آل فرعون: كل من آل إليه في دين أو مذهب أو نسب، و آل الرجل: من يؤولون إليه، أو يؤول هو إليهم، أي يرجع. أصله أول فقلب الواو ألفا. وقيل: هو بمعنى أهل، وليس كذلك.

عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين: مؤمن آل ياسين، وعلي ابن أبي طالب، وآسية امرأة فرعون. عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه وآله أربع خطط في الأرض، وقال: أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل نساء الجنة أربع: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون. عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ، هَذَا الَّذِي قَدْ ظَهَرَ بِوَجْهِي يَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَبْتَلِ بِهِ عَبْداً لَهُ فِيهِ حَاجَةٌ؟ فَقَالَ لِي: (لَا، لَقَدْ كَانَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ مُكَنَّعَ الْأَصَابِعِ، فَكَانَ يَقُولُ هَكَذَا وَ يَمُدُّ يَدَهُ وَ يَقُولُ: "يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ" (يس 20)).

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ" (الاعراف 130) السنون جمع سنة وهي القحط والجدب ، وكان أصله سنة القحط ثم قيل: السنة إشارة إليها ثم كثر الاستعمال حتى تعينت السنة لمعنى القحط والجدب. والله سبحانه يذكر في الآية ـ ويقسم ـ أنه أخذ آل فرعون وهم قومه المختصون به من القبطيين بالقحوط المتعددة ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون. وهما نوعان من الآيات التي أرسلها الله إلى آل فرعون ، وظاهر السياق أنه أرسل ما أرسل منهما فصلا فصلا، ولذا جمع السنين ولا يصدق الجمع إلا مع الفصل بين سنة وسنة. على أنه يقول "فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ" (الاعراف 131) الآية. وظاهره الحسنة التي بعد السيئة ثم السيئة التي بعد هذه الحسنة. قوله تعالى "فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ" (الاعراف 131) إلى آخر الآية. كانوا إذا جاءهم الخصب ووفور النعمة وسعة الرزق بعد ارتفاع السنة ونقص الثمرات قالوا : « لَنا هذِهِ »يريدون به الاختصاص وإنما قلنا : إنهم كانوا يقولون ذلك بعد ارتفاع السنة ونقص الثمرات لأن الإنسان بحسب الطبع لا ينتقل إلى ذكر النعمة بما هي نعمة ، ولا يتنبه لقدرها إلا بعد مشاهدة النقمة التي هي خلافها، ولا داعي يدعو آل فرعون إلى ذكر النعمة الحسنة وتخصيصها بأنفسهم لو لا أنهم رأوا خلافها وعدوه أمرا بدعا لم يكونوا رأوه قبل ذلك فاطيروا بموسى ومن معه ثم إذا بدلت السيئة حسنة عدوها لأنفسهم فالتطير عند السيئة بحسب الوقوع قبل قولهم في الحسنة : لنا هذه وإن كان الأمر بحسب الطبع على خلاف ذلك بمعنى أنهم لو لم يزعموا ولم يرتكز في نفوسهم من اعتيادهم بالرفاهية ووفور النعمة والخصب أنهم مخصوصون بذلك يملكونه لم يتطيروا بموسى عند نزول المصيبة عليهم فإن من لم تروحه الراحة والعافية لا يتحرج عن خلافهما. ولعل هذا هو الوجه في تقديمه تعالى اغترارهم بالنعمة قبل تطيرهم عند النقمة ثم ذكر الحسنة بكلمة "فَإِذا" (الاعراف 131) والسيئة بلفظة "إِنْ" (الاعراف 131) حيث قال "فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ" (الاعراف 131) فقد جعل مجيء الحسنة كالأصل الثابت فذكره بإذا والتعريف بلام الجنس، ثم ذكر إصابة السيئة بطريق الشرط ، ونكر السيئة ليدل على ندرتها وكونها اتفاقية. والتطير مشتق من الطير باعتبار اشتماله على نسبة من النسب، وهي نسبة التشؤم فإنهم كانوا يتشأمون ببعض الطيور كالغراب فاشتق منه ما يفيد معنى التشؤم وهو التطير ومعناه التشؤم بالطير حتى سمي مطلق النصيب أو النصيب من الشر والشأمة طائرا. فقوله تعالى "أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ" (الاعراف 131) معناه أن نصيبهم من الشر والشؤم الذي يحق به أن يسمى نصيب الشر وهو العذاب، هو عند الله، ولكن أكثرهم لا يعلمون لظنهم أن ما تجنيه أيديهم يفوت ويزول ولا يحفظ عليهم. وربما يذكر للطائر في الآية معان أخر ككتاب الأعمال الذي سماه الله طائرا وغير ذلك لكن الأنسب بالسياق هو الذي تقدم. قوله تعالى "فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ" (الاعراف 133) الآية. الطوفان على ما قاله الراغب كل حادثة تحيط بالإنسان، وصار متعارفا في الماء المتناهي في الكثرة، وفي المجمع: أنه السيل الذي يعم بتغريقه الأرض وهو مأخوذ من الطوف فيها. والقمل بالضم والتشديد قيل: كبار القردان، وقيل: صغار الذباب وبالفتح فالسكون معروف، والجراد والضفادع والدم معروفة. والتفصيل تفريق الشيء إلى أجزاء مفصولة منفصلة بعضها عن بعض، ولازم ذلك تميز كل بعض وظهوره في نفسه فقوله "آياتٍ مُفَصَّلاتٍ" (الاعراف 133) يدل على أنها أرسلت إليهم لا مجتمعة ودفعة بل متفرقة منفصلة بعضها عن بعض ظاهرة في أنها آيات إلهية مقصودة غير اتفاقية ولا جزافية. ومن الدليل على كون المفصلات بهذا المعنى قوله في الآية التالية "وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا" (الاعراف 134) الآية. الظاهر أن الآية كانت تأتيهم عن إخبار من موسى وإنذار ثم إذا نزلت بهم ودهمتهم التجئوا إليه فسألوه أن يدعو لهم لتنكشف عنهم ، وأعطوه عهدا إن كشفت عنهم آمنوا به وأرسلوا معه بني إسرائيل فلما كشفت نكثوا ونقضوا وعلى هذا القياس. وقوله "وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ" (الاعراف 137) الآية. أي أهلكنا ما كانوا يصنعونه وما كانوا يسقفونه من القصور والأبنية وما كانوا يعرشونه من الكرم وغيره.

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (46)" (غافر 45-46) اللّه تبارك و تعالى لم يترك عبده المؤمن أي مؤمن آل فرعون المجاهد وحيدا و إنّما: "فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا" (غافر 45). إنّ التعبير ب "سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا" (غافر 45) يفيد أنّهم وضعوا خططا مختلفة ضدّه . ترى ما هي هذه الخطط؟ في الواقع، إنّ القرآن لم يذكرها بل تركها مجهولة، لكنّها حتما لا تخرج عن ألوان العقاب و التعذيب ينزلونه بالرجل قبل أن يحل به القتل و الإعدام، إلّا أنّ اللطف الإلهي أبطل مفعولها جميعا و أنجاه منهم. تفيد بعض التفاسير أنّ مؤمن آل فرعون انتهز فرصة مناسبة فالتحق بموسى عليه السّلام، و عبّر البحر مع بني إسرائيل. و قيل أيضا: أنّه هرب إلى الجبل عند ما صدر عليه قرار الموت، و بقي هناك مختفيا عن الأنظار. و من الطبيعي أن لا يكون هناك تعارض بين الرأيين، إذ يمكن أن يكون قد هرب إلى الجبل أولا، ثمّ التحق ببني إسرائيل. و قد يكون من مؤامراتهم عليه، محاولتهم فرض عبادة الأصنام عليه و إخراجه من خط التوحيد، إلّا أن اللّه تبارك و تعالى أنجاه من مكرهم و رسخ قدمه‌ في طريق الإيمان و الهدى. أمّا القوم الظالمون فقد كان مصيرهم ما يرسمه لنا القرآن الكريم: "وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ‌" (غافر 45). إنّ العذاب و العقاب الإلهي أليم بمجمله، إلّا أنّ تعبير "سوء العذاب" (غافر 45) يظهر أنّ اللّه تبارك و تعالى انتخب لهم عذابا أشد إيلاما من غيره، و هو ما تشير إليه الآية التي بعدها، حيث قوله تعالى: "النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا" (غافر 46) ثم: "وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ‌" (غافر 46). و هنا نلفت النظر إلى الملاحظات الثلاث الآتية: أولا: استخدام تعبير "آل فرعون" (غافر 45) إشارة إلى العائلة و الأنصار و الأصحاب الضالين، و عند ما يكون هذا هو مصير الآل، ترى ماذا يكون مصير نفس فرعون؟ ثانيا: تقول الآية: إنهم يعرضون على النّار صباحا و مساء، ثمّ تقول: في يوم القيامة يكون العذاب أشد ما يمكن. و هذا دليل على أنّ العذاب الأوّل يختص بعالم البرزخ، و هو ممّا يلي موت الإنسان و مغادرة روحه جسده، و يقع قبل يوم القيامة. إنّ العرض على نار جهنّم يهز الإنسان و يجعله يرتعد خوفا و هلعا. ثالثا: إن تعبير ب (الغدو) و (العشي) قد تكون فيه إشارة إلى استمرار العذاب. أو قد يفيد انقطاع العذاب البرزخي ليقتصر على (الغدو) و (العشي) أي الصبح و المساء، و هو الوقت الذي يقترن في حياة الفراعنة و أصحابهم و مع أوقات لهوهم و استعراضهم لقوتهم و جبروتهم في حياتهم الدنيا. و ينبغي أن لا نتعجب هنا من كلمتي (الغدو) و (العشي) فنسأل: و هل في البرزخ ثمّة صباح و مساء؟ لأنّ الصبح و الليل موجودان حتى في يوم القيامة، كما نقرأ في قوله تعالى: "وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا" (مريم 62). و هذا الأمر لا يتعارض مع دوام نعم الجنّة و استمرارها، كما جاء في الآية (35) من سورة الرعد حيث قوله تعالى: "أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها" (الرعد 35) حيث يمكن أن تشمل الألطاف الإلهية أهل الجنّة في خصوص هذين الوقتين، بينما تكون نعم الجنّة دائمة باقية.

عن مركز الاشعاع الاسلامي للشيخ صالح الكرباسي: السوال: من هو مؤمن قريش؟ الجواب: مؤمن قريش هو أبو طالب عم الرسول المصطفى صلى الله عليه و آله، حيث أنه كان يُخفي إيمانه عن المشركين و مواقفه تشهد بذلك، و مثله مثلُ مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه عن فرعون و قومه. قال الله عز و جل عنه "وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ" (غافر 28).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك