الصفحة الإسلامية

اشارات قرآنية لكتاب فلسفتنا للسيد محمد باقر الصدر قدس سره


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب فلسفتنا للمؤلف السيد محمد باقر الصدر في مقدمته: وأرجو من القارئ العزيز أن يدرس بحوث الكتاب دراسة موضُوعية بكلّ إمعان وتدبُّر ، تاركاً الحكم له أو عليه إلى ما يملك من المقاييس الفلسفية والعلمية الدقيقة، لا إلى الرغبة والعاطفة. ولا أُحبّ له أن يطالع الكتاب كما يطالع كتاباً روائيّاً، أو لوناً من ألوان الترف العقلي والأدبي، فليس الكتاب رواية ولا أدباً أو ترفاً عقليّاً، وإنّما هو في الصميم من مشاكل الإنسانية المفكِّرة "وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" (هود 88).

يقول السيد الصدر قدس سره عن مفهوم الربح والخسارة عند الانسان: فمسألة المجتمع هي مسألة الفرد أيضاً في مفاهيم الدين عن الحياة وتفسيرها. ولا يمكن أن يحصل هذا الأُسلوب من التوفيق في ظلّ فهم مادّي للحياة ؛ فإنّ الفهم المادّي للحياة يجعل الإنسان بطبيعته لا ينظر إلاّ إلى ميدانه الحاضر وحياته المحدودة، على عكس التفسير الواقعي للحياة الذي يقدِّمه الإسلام ؛ فإنه يوسّع من ميدان الإنسان، ويفرض عليه نظرة أعمق إلى مصالحه ومنافعه، ويجعل من الخسارة العاجلة ربحاً حقيقياً في هذا النظرة العميقة، ومن الأرباح العاجلة خسارة حقيقية في نهاية المطاف: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا" (فصلت 46). "وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى‌ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بغَيْرِ حِسَابٍ" (المؤمنون 40). "يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرّةٍ شَرّاً يَرَه" (الزلزلة 6-8). "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (التوبة 120-121). هذه بعض الصور الرائعة التي يقدّمها الدين مثلاً على الأُسلوب الأوّل الذي يتّبعه للتوفيق بين المقياسين وتوحيد الميزانين ، فيربط بين الدوافع الذاتية وسبل الخير في الحياة ، ويطوِّر من مصلحة الفرد تطويراً يجعله يؤمن بأنّ مصالحه الخاصّة والمصالح الحقيقية العامّة للإنسانية ـ التي يحدّدها الإسلام ـ مترابطتان.

وعن فطرة الانسان يقول السيد محمد باقر الصدر: أنّ النظرية العقلية إذا كانت تعني وجود أفكار فطرية بالفعل لدى النفس الإنسانية أمكن للبرهان الذي قدمناه أن يرد عليها قائلاً : إنّ النفس بسيطة بالذات ، فكيف ولّدت ذلك العدد الضخم من الأفكار الفطرية ؟ بل لو كان العقليون يجنحون إلى الإيمان بذلك حقّاً لكفى وجداننا البشري في الردّ على نظريتهم ؛ لأنّنا جميعاً نعلم أنّ الإنسان لحظة وجوده على وجه الأرض لا توجد لديه أيّة فكرة مهما كانت واضحة وعامّة في الذهنية البشرية "وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شيئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ" (النحل 78). ولكن يوجد تفسير آخر للنظرية العقلية ، ويتلخّص في اعتبار الأفكار الفطرية موجودة في النفس بالقوّة، وتكتسب صفة الفعلية بتطوّر النفس وتكاملها الذهني. فليس التصوّر الفطري نابعاً من الحسّ، وإنّما يحتويه وجود النفس لا شعورياً، وبتكامل النفس يصبح إدراكاً شعورياً واضحاً، كما هو شأن الإدراكات والمعلومات التي نستذكرها فنثيرها من جديد بعد أن كانت كامنة وموجودة بالقوّة.

وعن الفرضية المادية يقول السيد الصدر قدس سره: الفرضية المادّية لنعرف في ضوء ذلك مدى سخفها وتفاهتها، فإنّ هذه الفرضية حين تزعم أنّ الكون بما زخر به من أسرار النظام، وبدائع الخلقة والتكوين ، وقد أوجدته علّة لا تملك ذرّة من الحكمة والقصد، تفوق في سخفها وغرابتها آلاف المرّات من يجد ديواناً ضخماً من أروع الشعر وأرقاه ، أو كتاباً علمياً زاخراً بالأسرار والاكتشافات، فيزعم أنّ طفلاً كان يلعب بالقلم على الورق، فاتّفق أن ترتّبت الحروف، فتكوّن منها ديوان شعر ، أو كتاب علم "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتّى‌ يَتَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُ الْحَقّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلَى‌ كُلّ شَيْ‌ءٍ شَهِيدٌ" (فصلت 53).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك