الصفحة الإسلامية

المرأة.. القدوة لنساء عصرنا

2831 2022-01-23

  د. علي المؤمن ||

 

    هل يمكن لامرأة عاشت قبل أربعة عشر قرناً، أن تكون نموذجاً صالحاً للمرأة في عصرنا؟     وهل يمكن لأسرتها أن تكون قدوة للأسرة في المجتمعات الجديدة؟     وهل يمكن للدروس التي تُستَخلص من حياة تلك المرأة أن تشكّل حلاً لمعضلات المرأة المعاصرة؟     ثم؛ هل يستدعي الإقتداء بهذا النموذج أن نعود إلى الماضي، ونعيش ذلك العصر، فنتقمّص أجواءه ومشاعره ووعيه، ليكون الإقتداء بالنموذج ـ حينها ـ واقعياً؟     هذه التساؤلات تدور في خَلَدِ المرأة عند البحث عن مثَلٍ أعلى، ونموذج حيٍّ صالح لحياتها، أو عند التفكير بجدوى البحث عن مثلٍ أعلى.     ولسنا هنا بصدد الحديث عن وحوب وجود مثل أعلى، أو مرجعية إنسانية واجتماعية وأخلاقية للإنسان، سواء أكانت هذه المرجعية تاريخية، أو معاصرة؛ فالإسلام بيّن رأيه بهذا الموضوع، من خلال النّصوص المقدسة، حين أكّد على القدوة الإنسانية المتصلة بالمثل الأعلى المطلق، والمتمثلة في رسول الله محمد، ثم أهل بيته، ومن بينهم المرأة القدوة، الصالحة لكل الأزمان.      يقول رسول الله محمد مخاطباً ابنته الزهراء: (( يا فاطمة ألا ترضين أنْ تكوني سيدة نساء العالمين وسيّدة نساء هذه الأمة وسيّدة نساء المؤمنين )).     ويشير الرسول هنا إلى حقيقتين:     الأولى: حقيقة مفهومية، وتتمثّل في وجود مثل أعلى إنساني ثابت للنساء المؤمنات.     الثانية: حقيقة مصداقية، وهي أنّ هذا المثل الأعلى ليس إلاّ فاطمة بنت محمد.     وتتأكد أهمية اقتداء المرأة بالنموذج الذي أراده الإسلام لها، وضرورته يوماً بعد آخر، وخاصة في مرحلة احتدام الصراع الثقافي والسياسي والميداني بين حالة الصعود الإسلامي، والهجمة الغربية المضادة، ولا سيما في بعدها الإجتماعي؛ إذ تحاول التيارات الغربية والمتغرِّبة في المجتمعات الإسلامية، فرض نماذجها الوضعية في مجالي الأسرة والمرأة.     وتتلّخص هذه النماذج الوافدة؛ في المرأة التي فقدت هويتها وشخصيتها الحقيقية، وضاعت في متاهات الانحراف الفكري والإجتماعي والسلوكي. وفي الوقت الذي تفتقد التيارات المتغربة إلى النموذج المقبول والصالح للمرأة، فإنها تحاول نقل ضياعها الثقافي، وتجاربها الاجتماعية الفاشلة إلى مجتمعاتنا؛ لتكون جزءاً منها. وإذا نجحت في ذلك، فإنها تكون فقد حققت مقدّمة أساسيّة في الهيمنة الحضارية على واقع المسلمين.     وعلى مستوى التطبيق؛ فإن النماذج الوافدة، أو النماذج التي تُصنّع محلّياً في إطار مناهج متغرّبة، والتي تُطرح كقدوة للمرأة العربية والمسلمة، تتمثل ـ عادة ـ في ممثلاث ومغنيات يتاجرن بشخصية المرأة، أو أديبات وإعلاميات (متحررات)، أو ناشطات اجتماعيات وسياسيات يمارسن لعبة المتاجرة نفسها، و ما شاكل ذلك.    و لاشك أن موجات التغريب والغزو الثقافي التي تستهدف مجتمعات المسلمين، حققت كثيراً من أهدافها، من خلال التركيز على قطاع المرأة أكثر من غيره، تحت شعار: ((المرأة قبل أيّ شيء))، لأن حرف المرأة يؤدي الى حرف الأسرة والمجتمع، و الى تصدع بناه الثقافية والإنسانية والسلوكية.    وإيقاف الغزو الثقافي التغريبي عند حدوده، وطبع النموذج الحقيقي في عقول النساء العربيات والمسلمات وقلوبهن، وحماية الأسرة المسلمة؛ يتطلب جهوداً مكثّفة ومتظافرة على مختلف المستويات.    إنّ التمسك بالمرأة القدوة التي طرحها الإسلام قبل ما يقرب من 1400 عام، هي عودة إلى الأصول المقدّسة، وإلى المرجعية التي أمر الله باتّباعها، وهي ليست عودة زمنية إلى الماضي، والتشبث به، بذريعة عدم وجود نموذج عصري؛ بل هي عودة سلوكية وروحية إلى فاطمة الزهراء، لإخضاع الواقع النسوي المسلم الى سيرتها وسلوكها، بما ينسجم وعملية استيعاب الشريعة الإسلامية للمجتمع استيعاباً كاملاً.     ولا يعدّ هذا الإقتداء جزءاً من عملية استنطاق التّراث؛ لأن فاطمة الزهراء ليست جزءاً من التراث أو الماضي، بل هي نموذج صالح للماضي، والحاضر والمستقبل.     هذه المرأة القدوة، قال عنها رسول الإسلام: «فاطمة بضعة منّي»، وأن اللَّه ليغضب لغضبها، كما في قوله: «يا فاطمة إن اللَّه ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك». و لذلك؛ فإن المرأة التي تقتدي ببنت رسول الله، هي وفيّة لدينها، وإنسانيتها، وتكتسب العظمة من سيدتها.. سيدة نساء الأمة. وعندها لن تكون هناك جدوى من البحث عن قدوة أخرى.. عصرية كما يقولون.     ولكي نُخضِع واقعنا لهذه الحقيقة، ونُبقي نموذج المرأة المسلمة القدوة ماثلاً في العقل والقلب؛ لا بد أن يبقى فهمنا لسيرتها متجدّداً، وواعياً للتحولات التي يفرضها الزمان على مستوى المعرفة والثقافة والفكر. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك