القرب الالهي الروحي 

  📌🖊غدير التميمي   قال تعالى. (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) وراء كل عمل يقوم به أيّ شخص عاقل هناك غاية وهدف محدّد يقصده وموضوع القرب الإلهي بلا شك هو من أهم المقاصد في حياة الإنسان المؤمن ومن اهم غاياته ومن اجمل الأهداف في مسيرة تكامله الوجودية فأي عمل عبادي يفتقر إلى نية القربة لله تعالى يعتبر عمل غير مقبول وبقية الأعمال الصالحة كذلك لا تتمّ على وجه الأكمل والأتمّ بدون نية القربة المطلقة    اولا يجب ان نفهم ما هو القرب ومعناه القرب في اللغة بمعنى الدنو  وهذا القرب تارةً يكون  مكاني وتارة يكون قرب زماني وتارة يكون قرب مادي وتارة يكون قرب معنوي  فمثال القرب المكاني نقول الجامع الفلاني امام بيتنا في اشاره لقرب مكان الجامع  ومثال القرب الزماني نقول بعد ساعه سوف نأتي اليكم في اشاره لقرب وقت المجيء  ومثال القرب المادي اقول احمد جالس بقربي اشرت لشخص احمد كذلك بالقرب  ومثال القرب المعنوي حين تعطي لشخص منزله وقيمة بداخلك تحس بقربه عليك رغم بعد مكانه او عدم حضوره اليك لكن بسبب ما يملك من منزلة عندك تحس به قريب  هذا باختصار تعريف مبسط لمعنى القرب كي نفهم ما هو المقصود من القرب الالهي هو القرب المعنوي بلا شك لان الله سبحانه وتعالى لا يحيط به زمان او مكان او مادة  فلا نقول مثلاً عن الله تعالى إنه حالٌّ في مكان معين أو إنّ له جسماً مادياً وغير ذلك، فمن الطبيعي لا يمكن تصوّر القرب والبعد الماديين بالنسبة له جلّ شأنه، فهو تعالى {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(  وهو: الذي ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود، ولا وقت معدود ولا أجل ممدود ...) فالنتيجة لتعريف مقام القرب الالهي يكون  هو الدُنوّ من مصدر الهداية والنور  والتقرب منه تقرب معنوي روحي  وبالتالي فإنَّه يعني في الوقت نفسه التباعد عن مصدر الظلمة وحبال الشك وأوحال العصيان ومقام القرب لا ينال إلاَّ برياضات نفسية وسلوكيات عملية فليس هو مجرد ادعاء او انفعال عاطفي بعيد عن الواقع والتطبيق   اهم طرق السير في القرب الالهي من اهم الامور التي تجعل العبد قريبا من الله سبحانه وتعالى هي معرفته ولا يكون قرب وتقرب الا بها فكلما عرفت الله اكثر تقربت اليه اكثر  لو انك عرفت شخص معرفة سطحيه سيكون قربك بمقدار هذه المعرفة ولكن لو دققت اكثر في معرفته وبحثت تفاصيله لكان انجذابك اليه وقربك اليه اكثر فالمعرفة اذن اساس رئيسي بذلك القرب فلا قرب بلا معرفة   العوامل المساعدة للمعرفة التي تمهد لك طريق القرب الالهي اولا  التفكر بآيات الله سواء الآيات القرآنية وما بها من قصص او مواعظ لتهذيب النفس واخذ العبرة  من الآيات والظواهر الكونية التي تساعدك في معرفة هذا الاله وبالتالي التقرب اليه ثانيا  النية بالعبادة والعمل الصالح  لان نية العبادة والعمل هي توأم الإيمان والمعرفة، والعبادة والأعمال الصالحة تجعل الإيمان أكثر كمالاً وكلما أصبح أكثر كمالاً كلما دنا من مقام القرب أكثر، فالعمل الصالح يرتقي بالإيمان عالياً حتى ينال مقام القرب الإلهي  يقول تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ثالثا كثره الاذكار والتسبيح لله سبحانه وتعالى  مما لا شك فيه واكدت عليه الروايات الشريفة لأهل البيت عليهم السلام هي كثره ذكر الله وعلى الانسان ان لا يكون غافلا عن ذلك  حتى ورد في الدعاء واجعل لساني بذكرك لهجا  اي دائم الذكر لديك رابعا  المداومة على غسل التوبة وان يكون دائم الوضوء خامسا  كثرة التضرع والخشوع واطالة السجود  ويعتبر السجود من اهم طرق القرب الالهي فقد ورد ذكره بالآيات المباركة (واسجد واقترب ) فان الشهوة التي تحول بينك وبين القرب من الله  وسوء الظن بالله والشيطان الذي أخذ على نفسه العهد أن يبعدك من الله عز وجل ونشرحها باختصار الأمر الأول :  الشهوة التي يعبر عنها لذة ساعة وألم دهر ولا يتصور البعض ان الشهوة مقتصره على شهوة الجسد فقط بل تتعدى ذلك المفهوم الى مصداق اوسع فكل ما تميل اليه النفس من حالات غفله او رخاء او تكاسل انما هو يعتبر انقياد واتباع لشهواتها وما تطلب والتي تكون مانع من موانع قربك من الله وحجاب تحجبك عنه   الأمر الثاني  هو سوء الظن بالله، وبعض الناس فإذا  اصابة اي بلاء ولو مرض بسيط تراه يجزع وينحب ويبدئ احيانا حتى الاعتراض على حكم الله متناسي انه ظاهر البلاء نقمه ولكن باطنه رحمه وكفارة من ذنوب فلو طلب منك شخص زيارته والحضور اليه هل تزوره بنفس ملابسك ام تلبس اجمل ما عندك وتخلع ما عليك من قبح ثياب كذلك البلاء انما جعل لكي ينظف الله العبد به من الذنوب كل يلتحق بركب المحبين بأطهر ما يكون فلا قرب مع ذنب او معصية فعلينا ان نحسن الظن بالله لان سوء الظن وعدم التسليم واحده من موانع القرب الإلهي   الأمر الثالث الذي يعيق الإنسان عن القرب من الله ومحبته  الشيطان الرجيم وهذا الشيطان على نوعين  شيطان إنس  وشيطان جن  فمن أراد القرب من الله عز وجل فعليه أن يفر من شياطين الإنس وشياطين الجن، أما شياطين الإنس فهم الذين يزهدون في طاعة الله، وييأسون الإنسان ويقنطونه من رحمة الله، فينبغي للإنسان ألا يصغي إليهم، وليعلم أن الصديق الصادق في محبته ومودته وخلته، هو الذي يهدي إليه عيوبه، ويدعوه إلى محبة ربه وذل العبودية لخالقه وأما شيطان الجن فهي الوساوس التي يقذفها في قلب الإنسان، ويقول له: انتظر فلا زال في العمر بقية، ولا تعجل، وتمتع بهذه الحياة، تمتع بالشهوات فيها، واسهر ما شئت من الليالي، وافعل ما شئت من لذات هذه الحياة، فإن الحياة طويلة، ولا يزال يمنيه ويسليه حتى يسلمه إلى عاقبة الردى ويمنعه من القرب الالهي   في نظر الآيات القرآنية الآيات التي تتحدّث عن قرب الله تعالى  الآيات التي تدل على أصل وجود هذا القرب ومؤداها أن الله سبحانه قريبٌ منا  قال تعالى   {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِنْکُمْ ولَکِنْ لا تُبْصِرُونَ} {ولَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ ونَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} {يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاکُمْ لِمَا يحْييکُمْ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يحُولُ بَينَ الْمَرْءِ وقَلْبِهِ} هذه الآيات اثبتت القرب الإلهي المعنوي والروحي لله سبحانه وتعالى من العبد ومتى ما استشعر العبد هذا القرب بداخله ادرك لذة ذلك فمن كان قريبا من الله انقطع بكامل جوارحه اليه فلا يتصل بعالم غير عالم القرب المعنوي   هنيئا لمن ركب في سفينة قرب الله وادرك معرفته التي لها طرق مساعده وموانع تحجب وهنيئا لمن كانت نيته مطلقه واحسن الظن والتوكل بالله وعبد الله كانه يراه اي استشعر وجوده معه في كل مكان فاصبح وجوده كله لله  .