الصفحة الإسلامية

نفحات قرآنية (١٩)


   رياض البغدادي ||   مختصر تفسير الآية (٥٠) من سورة (المؤمنون) بسم الله الرحمن الرحيم " وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ " (50) اعلم أن ابن مريم هو عيسى المولود من غير أب وتكلم في المهد وأبرأ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى، وأمه مريم لم تكن نبية وقد ولدت عيسى من غير أب، فالوالدة من غير ذكر، والمولود من غير أب ،اشتركا في آية واحدة وهذا هو الأقرب في أنه جعلهما آية بنفس الولادة ،لاشتراكهما معا في أمر خارق ومعجز ،وذلك من وجهين : الأول أنه الإعجاز نفسه ظهر فيهما وليس على يديهما . الثاني أنه تعالى قال آيه ولم يقل آيتين . قوله تعالى " وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ " اي جعلنا مأواهما الربوة التي أختُلِف في موضعها فمنهم من قال غوطة دمشق، ومن قال إنها إيلياء أرض بيت المقدس ،وقيل إنها في مصر وأياً كان مكانُها فهي ربوة ذات ثمار، ويدل على ذلك هو قوله تعالى " ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ " والمعين اصلها من المعن والماعون . وأما سبب لجوئها الى الربوة البعيدة فذلك لخوفها على عيسى عليه السلام. قال تعالى " وَآوَيْنَاهُمَا " ولم يقل ( وأوَيَا )أي ان الله تعالى هو الذي فعل ذلك ،وهذه من أجمل اللطائف القرآنية ،فالله تعالى عندما يبتلي العبد بقضية ،ويخلص العبد صابراً في إنجازها ،لا يتأخر عنه الفتح، ويأتيه العون الإلهي ،ويتكفل بكل ما من شأنه نجاته وخلاصه ،فالسيدة مريم تحملت ابتلاءً تعجز أعاظم الرجال من غير اهل العصمة تحمله ،لكنها صبرت وتحملت ،ولما احتاجت الى مأوى ،آواها الله تعالى " إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ".. وهذا من أسرار الفتح الإلهي ،فسرعة الفرج مرتبط بمقدار الإخلاص في تحمل العبء ،ومقدار ما يبذله العبد في سبيل نجاح المهمة ،فالله تعالى يريد من العبد ان لا يترك لنفسه شيئاً ،عندما يسير في طريق الله ،على المؤمن الذي يطمح للفتح الالهي ،أن لا يترك ولا حتى خيطاً رفيعاً تتعلق به النفس بما يشدها الى غير المهمة الإلهية... مريم الصِدّيقة أعطت كل شيء لله ،لكن الله تعالى اراد منها اكثر من ذلك ،وهنا كانت القاصمة ،فالمرأة الشريفة وبالمقام الذي كانت فيه مريم ،لا يمكن ان تستسلم لمهمة يكون فيه شرفها محل الإبتلاء ،والأكبر من ذلك ،منعها الله من الكلام ،منعها من ان تُدافع عن نفسها وتقول رأيها لمن اتهمها بالزنى والعياذ بالله ،لكنها قبلت بالأمر وتحملت أعباء هذا الإبتلاء ،فجاء الفتح سريعاً وآواها الله تعالى الى ربوة ،وأنطق الطفل بدلاً عنها، فلو أوكل الله مهمة الدفاع عن نفسها اليها ،لما انتهت حكاية الزنى ،ولرأينا وسمعنا الى يومنا هذا من يتهم مريم ،لكن الله تعالى تكفل بذلك وأنطق من كان في المهد صبياً ،ليعلن براءة مريم ويُخرس ألسنة المشككين والمترددين والمكذبين الى الأبد ...
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك