الصفحة الإسلامية

نفحات قرآنية (١٥)


 

رياض البغدادي ||

 

مختصر تفسير الآيات (٢٦-٣٠) من سورة (المؤمنون)

بسم الله الرحمن الرحيم « قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ . فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ  ».

قوله تعالى ( قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ) فيه وجوه من التفسير :

- انصرني أي طلب إهلاكهم لأن نصره يعني هلاك مكذبيه .

- انصرني أي طلب النصر سلوة له بدل غم التكذيب .

-انصرني ،بإنجاز ماوعدتهم من عذاب .

أما قوله تعالى ( فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا ) وهذه استعارة ،أي اصنع الفُلك بحيث نرعاك ونحفظك ونمنع منك من يريدك او اصنع الفُلك بأعين أوليائنا من الملائكة والمؤمنين بمعاضدتهم فلا يصل اليك من أرادك بسوء.

واختلفوا في كيفية صنعه للفُلك ،فقيل أنه كان يُحسن النجارة ،وقيل أنه كان عالماً بالصنعة ،وقيل أن جبرائيل علمه صناعة الفُلك ،وهذا هو الأقرب بدليل (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ) .

قوله تعالى ( فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا ) إن لفظ الأمر هو حقيقة في طلب الفعل على سبيل الاستعلاء .

قوله تعالى ( وَفَارَ التَّنُّورُ ) اختلفوا في معنى التنور على أقوال:

الاول : وعليه الأكثرون أنه تنور الخبز ،فلما نبع الماء من التنور أخبرته زوجته فركب السفينة ،وقيل أنه كان في مسجد الكوفة ،وأن نوحاً عمل سفينته وسط المسجد .

والثاني : أن التنور وجه الارض وهو مروي عن إبن عباس .

والثالث : أنه أشرف موضع على الأرض وأعلاه .

والرابع : وفار التنور أي طلع الفجر ،وهو مروي عن علي عليه السلام .

الخامس : هو مثل قولهم حمي الوطيس .

السادس : أنه الموضع المنخفض من السفينة الذي يسيل اليه الماء .

والفخر الرازي يرجح القول الاول لان العدول عن الحقيقة الى المجاز من غير دليل لا يجوز .

وعلى الاجمال فإن فوران التنور كانت علامة نوح على البدء بركوب السفينة .

قوله تعالى ( فَاسْلُكْ فِيهَا ) أي أدخل فيها ( مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ) أي الذكر والأنثى لان الذكر يسمى زوج والأنثى زوج ، وقيل من كل أمة زوجين .

قوله تعالى ( وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ) لفظ على تدل على المضار وهذه الآية تدل على أمرين :

الاول أن الله أمر بإدخال سائر المؤمنين وإن لم يكن من أهله .

والثاني أنه قال (وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ) يعني فإنه سبحانه لما أخبر بإهلاكهم وجب أن ينهاه عن أن يسأله في بعضهم وقوله تعالى (إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ) أي الغرق نازل بهم لا محالة .

(فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ) فلما استوى جميع من ركب السفينة على ظهرها وتأكدت النجاة قال تعالى ( فقل الحمد لله ) وهنا في هذا الفعل ( قل ) مسائل وأقوال :

المسألة الاولى - وجه الله تعالى الخطاب الى نوح لأنه إمامهم وفيه نوع من الإشعار بفضل نوح (ع ) ،ومثل هكذا خطاب لا يرتقي اليه إلا الأنبياء عليهم السلام .

المسألة الثانية - هو أمر يعلم الله فيه البشر وجوب شكره ،والإستعانه به في جميع أحوالهم.

المسألة الثالثة – هي إشارة منه تعالى لنبيه بأن الخطر قد زال ،بمجرد ركوب السفينة وإن النجاة قد تحققت فعلا .

"وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ " وفي هذا القول المبارك يُعلِم الله نبيه بأن يدعو لنفسه ومن معه ،بعد أن تأكدت النجاة .

وقيل في (مُنزَلا) قولان :

الاول – المنزل هو نفس السفينة لأنه دليل خلاصهم .

الثاني – إن المراد به هو الأرض التي سينزل بها حال خروجه من السفينة .

والرازي يرجح القول الأول لأنه أمر الله تعالى بالدعاء به حال الإستواء في السفينة .

قوله تعالى ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ ) ذلك للعبر العظيمة والآيات الواضحة في قدرته تعالى على إنجاز الوعد والإتيان بالمياه الهائلة لتغطي وجه الأرض كله فلا يكون هناك نجاة إلا بما وعدهم به نبيهم نوح (ع) .

واما قوله تعالى (وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ) ففيه ثلاث اقوال

1.أن يكون الإبتلاء للمكلفين في المستقبل .

2.أن يكون المراد به معاقبة من يسلك سلوك تكذيب الأنبياء .

3.المراد به أن الإبتلاء بالغرق حاصل للمكذب وغير المكذب ،لكي يرفع شبهة أن كل غرق هو بالضرورة عقوبة تكذيب .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك