الصفحة الإسلامية

الذنوب مِن أيِّ رصيد؟!

1459 2021-03-04

 

مازن البعيجي ||

 

تلك اللذة التي نلتذُّ بها حين نركتب الذنب أيًّا كان ذلك الذنب، سهوًا او عمدًا، قاصرين او مقصرّين!! غيبة أو نميمة أو حسدا أو زنا أو تحريض أو قتل أو قذف بباطل أو اكل حرام وغير ذلك مما نهى عنهُ الشارع المقدّس، تُرى بأيّ طاقة نقترف كل  تلك الذنوب والمعاصي! فهي بلاشك تحتاج الى طاقة كبيرة تبدأ بالفكرة والتفكير، وتنتهي بالفعل والتنفيذ،  تفكيرٌ أو سعي أو بذلُ مالٍ وجهد أو حتى استعمال القلب النقي والنظيف ولو لفترة ارتكاب الذنب كأداة ننفذ بها مايجعلنا وقتئذٍ أبعد مايكون عن رحمة الله تعالى ونحن غافلون، ذلك الذي منحنا كل تلك الجوارح التي تملكُ القدرة على عملِ مالا يتخيله العقل احيانا، وبكلّ تلك النِّعَم نعصي واهِبها القادر اللطيف وقد لوّثتها تلك البراثنِ والأدران بعد أن كانت نقية طاهرة لجينية لايليق بها إلّا اوعية الطهر والفضيلة!

( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) النحل ٧٨ .

رصيد تلك المعاصي من المساحات البيضاء والنقية والطاهرة، والتي منحها الخالق العظيم لنا أول خروجنا الى الدنيا ثم المسير نحو مرحلة التكليف وحَملِ المسؤولية ، مَثلُ ذلك مثلُ رأس المال الذي يُعطى الى الشاب بهدفِ تكوين حياة خاصة بهِ، وذلك المال خالص نقيّ من الحرام والشبهة، ولكن يُفَرَّط به، ويسخّرهُ بالاسرافِ على المعاصي وكسبِ الملذاتِ الزائفة التي سرعان ماتتلاشى مخلِّفة بعدها نُدُبًا سوداء يجتاح ظلامُها مساحات النور الباطنية، وعلى مراتب متفاوتة تبدأ بالقليل مع الغفلة، وشيئا فشيء تهيمُ النفس في عالمِ التسويف والتفريط حتى تغيب تلك الفطرة ليحلّ مكانها ذلك الوهم الذي يحسبُ السراب ماءا، ويرى الظلمة نورا، ويَعدُّ الوجود مُلكا،

فلا يعود الضوء مؤثرٌ، ولايعكس شعاعهُ على مساحة الروح التي  كان كل شيء فيها ساطعًا أبيضًا نقيا! فهل بعدَ هذا التيهُ قيمة ومقدار!!

(إلهي أمرتني فعصيتك، ونهيتني فارتكبت نهيك، فأصبحت لا ذا براءة فأعتذر، ولاذا قوة فأنتصر، فبأي شىء أستقيلك يا مولاي، أبسمعي أم ببصري أم بلساني أم بيدي أم برجلي، أليس كلها نعمك عندي وبكلها عصيتك)؟

ومن هنا تتَضحُ الصورة، إن أي ذنب او معصية تطفحُ باللذة والراحة، فما هي سوى لحظة استمتاع بهيميةٍ لاتتعدى مقدار لحظةِ اقتراف الخطأ او الخطيئة لتذهب بمقدار فاعلها،  وبعدها يبدأ سوط الضمير والنفس يلذعُ كل جارحةٍ وجانحة وهي تستشعر القذارة والردود السلبية للنفس، نوعُ عذابٍ مقرِف يفقدُ معه فاعلهُ طعم الراحة والهدوء بخلاف اللذة التي هي من الطيباتِ دائمة الأثر وعطرها المستديم حتى يأتي من بعد سني طويلة ليعبقَ عطرهُ على مساحات الروح ليريح الضمير ويزيحُ لذاذات الوهم..ولعلّ خير شاهد ومصداق ماجاءَ على لسان إمام المتقين وسيد الموحدين "عليه السلام"وهو القائل:

(شتّانَ ما بينَ عملَين، عملٌ تذهبُ لذتُهُ، وتبقى تَبِعتُهُ، وعملٌ تذهبُ مؤونَتُهُ، ويبقى أجرهُ، ولاخيرَ في لذةٍ يعقِبها النار)!

 ولاادري ايّ ضياع نستشعرهُ وبينَ أيدينا زاد الأرواح التي تطهّرنا من رجس الشيطان الرجيم. ولكن يبقى اللهُ أملُ الراجين وحبيب التائبين،

ألَهي: اِنْ كانَ جُرْمي قَدْ اَخافَني مِنْ عُقُوبَتِكَ فَاِنَّ رَجائي قَدْ اَشْعَرَني بِالاْمْنِ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَاِنْ كانَ ذَنْبي قَدْ عَرَضَني لِعِقابِكَ فَقَدْ اذَنَني حُسْنُ ثِقَتي بِثَوابِكَ، وَاِنْ اَنامَتْنِي الْغَفْلَةُ عَنِ الْاِسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ فَقَدْ نَبَّهَتْنِى الْمَعْرِفَةُ بِكَرَمِكَ وَآلائِكَ، وَاِنْ اَوْحَشَ ما بَيْني وَبَيْنَكَ فَرْط الْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ فَقَدْ انَسَني بُشْرَى الْغُفْرانِ وَالرِّضْوانِ..)مناجاة الراغبين، الصحيفة السجادية

البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك