الصفحة الإسلامية

الإمام السجاد وثيقة ناطقة بالحقوق!

1632 2020-09-14

 

أمل هاني الياسري||

 

وثيقة عظمى في مسار الحقيقة المحمدية، التي إكتملت بتمام النعمة وإكمال الدين، بولاية علي (عليه السلام) وتواتر أبنائه على خلافة المسلمين، وتأسست على أيديهم أركان النظرية الإسلامية، إنها خمسون حقاً، تمثل مجموعة من القواعد، والأسس، والضوابط، تشكل بمجموعها منظومة متكاملة، يراعي فيها الناس بعضهم بعضاً، وتأتي هذه الحقوق في إطار الفرد الواحد، بدءاً من الدائرة الضيقة، (الزوج، والزوجة، والأبناء، مروراً بالعشيرة وحتى المجتمع)، وأساس وثيقة الحقوق للإمام علي زين العابدين (عليه السلام)، هو الكرامة الإنسانية.

السجاد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، الإمام الذي كان شاهداً على واقعة الطف الأليمة، حيث لم تنتهِ في العاشر من محرم سنة (61) للهجرة بل بدأت منه، فأيام يزيد الطاغية ومَنْ جاء بعده، تتطلب من الإمام المعصوم حفظ الدين والعقيدة، لأن الوثيقة التي كتبها الإمام زين العابدين، كانت مستوحاة من مسيرة الإصلاح، التي سعى إليها والده الحسين (عليه السلام)، لكن وثيقة السبط ناطقة بالدم والعطاء، أما ولده السجاد فكانت ناطقة بالحقوق.

طبيعة الظروف التي أحاطت بالإمام زين العابدين (عليه السلام) جعلته يركز على الموازنة بين إحياء القضية الحسينية، حتى عرف أنه من ضمن البكائين الخمسة، والذي قضى حياته حزناً وألماً على مصيبة كربلاء، حيث عاشها بدقائقها الجسام والمرض حالَ بينها، فرُفِعَ رأس والده الشهيد وعمه وإخوته على أسنة الرماح، وبين تعبئة الأمة عبر معرفة حقوقها العبادية، والإجتماعية، والسياسية التي بدأت الأمة بفقدانها، لأنها ولّت أمرها لمَنْ لا يستحق، ففي أيامه كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء.

رابطة مقدسة بين العرب والعجم، ساقها العلي القدير سيدة جليلة، كشاه زنان(ملكة النساء أو سيدة النساء)، لتتزوج الإمام الحسين عليه لتنجب علي زين العابدين، وهي بذلك والدته وجدة الأئمة الأطهار(عليهم السلام)، فهي سيدة مرضية ولدت خير أهل الأرض بعد أبيه الحسين، ومن سيد الساجدين إستمر نسل البيت العلوي، فكانت هذه الرابطة زيادة للألفة، ومحواً للفرقة، وتقارباً للناس، وكان وليدها السجاد أهم سبب لبقاء الإسلام، بسبب وثيقته الناطقة بالحقوق، لتشكيل منظومة إسلامية عالمية شاملة لحقوق الإنسان.

الإمام السجاد (عليه السلام) اختار الصمت ولجأ الى العبادة؛ لأنها لغة العظماء، وهي مؤشر على النضوج العقلي والحكمة والخبرة الحياتية، فهو قد عاش في زمن الضلال الأموي، لذا وجد في وثيقة الحقوق العبادية العظيمة، مخرجاً لبيان أحكام الدين، والحفاظ عليه من البدع والإنحراف الأموي البغيض، فكانت طاقة إيجابية للمؤمنين الموالين، بأن احيوا أمر المنظومة الفكرية لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وإحياء مظلوميتهم، وبذلك حافظ زين العابدين (عليه السلام) على سلامة الأوطان وبناء الإنسان معاً.

ثنائية الدفاع عن حق الإمامة، والحفاظ على وحدة المسلمين، كان يتطلب من الإمام السجاد (عليه السلام)، مواجهة حقوقية وإعلامية، وليست مواجهة مسلحة مع بني أمية، فأشاع بين الأمة أن الإستعباد يعطل الطاقات، وأن كرامة الإنسان وحريته هما مَنْ يصنعان الإنتصار، فكانت وثيقته ذات الخمسين بنداً، من أهم الوثائق التي تؤكد على حقوق الإنسان، وتنظيم حياته مع نفسه، ومع ربه، ومع الآخرين، وصولاً للمجتمع الأمثل، فمنحت الباحثين دروساً عظيمة، ما تزال تنهل منها الأجيال حتى يومنا هذا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك