الصفحة الإسلامية

الامام السجاد.. إصلاح الأمة ومقارعة الطغاة بسلاح الدعاء

1899 2019-04-24

أشار القرآن الكريم والأحاديث النبوية أن للدين مظهراً وجوهراً، فالعبادات كالصلاة والصيام والحج و.. مظهر الدين، فيما يشكل الدعاء جوهر الدين وعماده القويم فهو اتصال الانسان بالله سبحانه وتعالى وحديثه الخاص مع البارئ المتعال ومناجاته مع ربه الكريم.. وشدد الدين الاسلامي المحمدي الأصيل على دور الدعاء في تربية الانسان المسلم وتوعيته وتنوير فكره وهدايته نحو الصواب والطريق القويم وتعزيز إرادته وعزمه على مواجهة المصاعب والمصائب وردع الظلم والفرعنة والطغيان والتصدي للظلم والاحتلال والاستعمار والدعوة نحو التحرر والاستقلال . 

من هذا المنطلق رسم الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهم السلام والذي يصادف اليوم الخامس من شعبان المعظم ذكرى مولده المبارك، معالم مدرسته الاسلامية ونهجه المقاوم للطغاة وفضح الظلم ونبذه والتصدي اليه بأدعية عالية المضامين تستند كلها لوحي القرآن الحكيم وتعتبر بحق دائرة معارف عليا لجميع المعارف الالهية، ابتداءً من معرفة الله سبحانه وتعالى، وإنتهاءً بتكريس الصفات الرسالية عند الانسان المسلم في التوحيد والعدالة والمساواة كما وردت في صحيفته السجادية في وقت كان العالم الاسلامي يمر بأصعب مراحله وحكم أعتى طغاته من بني أمية المجرمين. 

استقبلت الأسرة النبوية بمزيد من الأفراح والمسرات هذا الوليد المبارك الذي بشر به النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد شملت الابتهاجات جميع من يتصل بأهل البيت(ع) من الصحابة وأبنائهم، يقال: (لقد ولد ضعيفاً نحيفاً تلوح في نظراته ومضات خافتة، وكأنها ومضات هم منطفئ، وما لبثت هذه الومضات المكسورة إن دلت فإنما تدل على حزن قادم يوشك أن يقع...)، لقد رافقته الخطوب وصاحبته الآلام منذ ولادته فقد اختطفت يد المنون أمه الزكية، وهو في المهد، وتتابعت عليه المحن بعد ذلك يتبع بعضها بعضاً، فلم يبتل أي إنسان بمثل ما أبتلي به هذا الإمام العظيم. 

فقد ساد الحياة السياسية في عصره الامام السجاد عليه السلام ألوان من القلق والاضطراب، حيث خيم الذعر والخوف على الناس وفقدوا جميع أشكال الأمن والاستقرار، مما سبب تفكك المجتمع وشيوع الأزمات السياسية الحادة، واندلاع الثورات المتلاحقة. والسبب الأول والأخير في كل هذه الأحداث المؤلمة يعود الى طبيعة الحكم الأموي الجائر والمستبد والفساد الذي استشرى في البلاد من قبل الملوك والولاة. 

كما اثار الامام علي بن الحسين (ع) مسألة العصبية القبلية والطائفية والقومية البالغة الحساسية حيث قال: "العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها، أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من قومٍ آخرىن"، واراد من وراء ذلك مقارعة العصبية ومحاربتها بكل صورها المقيتة التي لا تزال تسري ويتوسع نطاقها في البلاد الاسلامية حيث نرى كيف يتفرعن الحكام ويطغون على ابناء جلدتهم بعد أن ينعتوهم بنعوت طائفية أو قومية أو قبلية وبافكار انحرافية تدفع المجتمع الاسلامي نحو التفرقة والنفاق والتحلل الفكري والمتطرف بحلة الدين وعبر وعاظ سلاطينهم المنحرفين مما أدى الى ظهور الفرق المنحرفة كالوهابية والسلفية لتدفع بالشاب المسلم نحو تكفير أخيه المسلم وهدر دمه بأبسط الصور. 

لقد استخدم الامام زين العابدين (ع) الدعاء كوسيلة تربوية اصلاحية وأثار في أدعيته كل القضايا التي تهم الإنسان والمجتمع وقد جمعت تلك الأدعية في كتاب عُرف فيما بعد بالصحيفة السجادية، كما كان يعقد الحلقات الدينية والفكرية في مسجد الرسول (ص) حتى أصبحت مجالسه محجّة للعلماء والفقهاء وتخرجت من هذه المدرسة قيادات علمية وفكرية حملت العلم والمعرفة والإرشاد إلى كافة البلاد الإسلامية ولم يترك الإمام عليه السلام بحكم كونه إماماً الجانب الإنساني والاجتماعي حيث نجد في الروايات أنه كان يخرج في الليالي الظلماء يحمل الجراب على ظهره. فيقرع الأبواب ويناول أهلها من دون أن يُعرف، كما كان يشتري في كل عام مئات العبيد ليحررهم في الفطر والأضحى بعد أن يربيهم التربية الاسلامية المباركة. 

وعرف حكام الجور والطغاة على إمتداد العصور وحتى يومنا هذا أن إجتماع الناس تحت مظلة أهل البيت (ع) وتمسكهم بنهجهم والتفافهم حول رايتهم الخفاقة عالياً لهو خطر كبير على سلطتهم ومساند حكمهم التي كسبوها بالظلم والتزييف والطغيان والانحراف وتشويه الصورة الحقيقية للاسلام المحمدي الاصيل ، فصبوا جل إهتمامهم في محاربة هذه المدرسة الوضاءة والمنيرة الصادقة فهدموا المساجد ودور العبادة في العراق وسوريا واليمن البحرين والسعودية و... سعياً لمنع الناس من التجمع وذكر أهل البيت (ع)، لأنه وكما اشار الى ذلك الامام الخميني /قدس سره/ في صحيفة النور ج 16 ص 208 قائلا: "أن إجتماع الناس تحت هذه الراية الالهية راية أهل البيت عليهم السلام يوجب الوحدة والتكاتف..إن ذكر مناقب أهل البيت عليهم السلام واحياء ذكرهم واستعراض المظالم التي مروا بها تخلق حركة ونهضة عالمية، على مستوى العالم. فلا تحتقروا هذه المجالس". 

لم يخلق الله سبحانه وتعالى فضيلة أو موهبة كريمة يتميز بها هذا الامام الهمام إلا وهي من عناصر شخصية الامام زين العابدين (ع) ومن ذاتياته، فلم يجاره أي أحد في نزعاته، وعناصره النفسية التي كان السائد فيها سمو الآداب، ومكارم الأخلاق، وشدة التحرج في الدين... ولا يكاد يقرأ أحد سيرته الندية إلا وينحني إجلالاً وإكباراً له، ويذهب به الإعجاب إلى غير حد، وقد استصغر عظماء الرجال في الإسلام من المعاصرين له نفوسهم أمام الحشد الهائل من فضائله وعبقرياته، يقول سعيد بن المسيب وهو من كبار علماء المدينة:"ما رأيت قط أفضل من علي بن الحسين، وما رأيته قط إلا مقت نفسي..."( تأريخ اليعقوبي ج 3 ص 46). 

لقد رفعته مثله العليا الى قمة الشرف والمجد التي أرتقى إليها العظماء من آبائه الذين وهبوا حياتهم للإصلاح الاجتماعي. 

فسلام عليه يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعث حيا ورزقنا الله عزوجل وإياكم زيارته في الدنيا وشفاعته في الآخرة والجلوس معه في دار القرار، أمين يارب العالمين. 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك