الصفحة الإسلامية

دروس من كربلاء: الدرس الاول


عبد الكاظم حسن الجابري

لم يشهد التاريخ حالة من الإيثار, كما شهدتها كربلاء في واقعة الطف.

الإيثار هو التضحية بالنفس, والتخلي عن المكاسب والمنافع الشخصية, لأجل هدف أسمى وقيمة أعلى, وتمثل التضحية بالنفس أسمى غاية الجودِ, ويعد الايثار من أهم صفات المؤمنين, وخصوصا الايثار في مواضع الإحتياج كما ورد في الذكر الحكيم " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9 سورة الحشر(.

كانت كربلاء زاخرة بمواقف الايثار والتضحية, فكانت مواقف الأصحاب وبني هاشم, من أصلب, وأنقى, وأطهر, مواقف الفداء والجود بالنفس, لأجل الإمام الحسين عليه السلام والرسالة الإسلامية.

هذا الإيثار نابع من بصيرة ثاقبة, ومعرفة حقيقية بمنزلة ولي الأمر الإمام المعصوم عليه السلام, ولم تأتي من فراغ, أو لأجل تملق ورياء, أو مكاسب شخصية, الإقدام والتضحية التي قدمها انصار مولانا الحسين عليه السلام, هي قمة العطاء الإنساني, الذي رسم طريقا للأحرار للتضحية في سبيل العقيدة والرسالة السماوية.

المواقف التي شهدتها حادثة كربلاء, كثيرة وعظيمة, والتي تُبرِز حالة الإيثار العظيمة التي سطرها الأنصار.

تصدى الأنصار للقتال أولا, ولم يرضوا أن يُقتَل بني هاشم وعترة النبي صلى الله عليه واله قبلهم, وأكدوا ذلك قولا ليلة المعركة وفعلا عند المعركة, فحينما قال لهم إمامنا الحسين عليهم السلام في ليلة المعركة, على ما يرويه الشيخ المفيد  "ألا وإنّي لأظنّ أنّه آخر يوم لنا من هؤلاء ، ألا وإنّي قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حلٍّ ليس عليكم منّي ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً."  هنا إبتدر بنو هاشم وقالوا " لم نفعل ذلك لنبقى بعدك؟! لا أرانا اللّه ذلك أبدا", ثم قام مسلم بن عوسجة متحدثا فقال:" انخلّي عنك ولمّا نعذر إلى اللّه سبحانه في أداء حقّك؟ أما واللّه حتى أطعن في صدورهم برمحي ، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ، واللّه لا نخليك حتى يعلم اللّه أن قد حفظنا غيبة رسول اللّه صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله فيك ، واللّه لو علمت أنّي أقتل ثمّ أحيا ثمّ أحرق ثمّ أحيا ثمّ أذرى ، يفعل ذلك بي سبعين مرّة ، ما فارقتك حتى ألقى حمامي ".

أما المعركة فشهدت تنفيذ القول والوفاء بالإيثار حيث تقدم الأنصار حتى قُتِلوا جميعا رضوان الله عليهم, وأما بنوا هاشم فكان موقف العباس عليه السلام يوم المعركة, شاهدا على إيثارهم,  فعند وصوله إلى شاطي الفرات, وكان قلبه يتلظى جمرا من العطش, فمد يده يشرب وتذكر عطش إمامه الحسين عليه السلام, فرمى الماء من يده وإرتجز قائلا:

يا نفس من بعد الحسين هوني

وبعده لا كنتي أوتكوني

هذا حسين وارد المنون

وانتِ تشربين بارد المعين

هذه المشاهد من الإيثار, تعطينا دفعا للتقدم نحو الأمام, في سبيل الحفاظ على مبادئنا الإسلامية, وطاعة ولي الأمر المتمثل بالمرجعية الدينية العظيمة, وإن ما نشهده من تضيحات وفداء, يقدمه أبناء الحشد الشعبي لهو خير دليل ومثال على التخلق بأخلاق أنصار الحسين عليه السلام والإستقاء من دروسهم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك