الصفحة الإسلامية

تقليد رائع للعتبة العباسية المشرفة… صالح الطائي


 

في أواسط سبعينات القرن الماضي نظم بعض الفضلاء الأجلاء مسابقة للكتابة عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في بيروت، وقد كانت هذه المناسبة فرصة رائعة للباحثين المسلمين والعرب من الأديان الأخرى للتعبير عن حبهم وولائهم للإمام الخالد؛ حيث أسهم في المسابقة كاتبان مسيحيان هما الأستاذ سليمان كتاني والأستاذ روكس بن زايد العزيزي، وقامت اللجنة بطباعة كتابيهما وتوزيعهما في العالم؛ فعلا مجدهما وخلد ذكرهما وسيبقى خالدا على مرور الأجيال.

بعد حين اختفى هذا التقليد الرائع من حياتنا بسبب العسف والجور والظلم والتضييق الذي مارسته الأنظمة العربية ولاسيما نظامي البعث في العراق والنظام الأردني. وقد شاءت الصدق أن التقي المرحوم روكس العزيزي في أواخر تسعينات القرن الماضي حينما كانوا يخرجونه على كرسي متحرك ليجلسوه في مدخل العمارة التي يسكنها في عمان وكان مقعدا بسبب تقدمه في العمر. والمدهش أنه كان يمسك بيده قرآنا وعدسة مكبرة تعينه على القراءة. وحينما عرفت أنه الكاتب المسيحي الذي كتب عن الإمام علي تقدمت منه وسلمت عليه وأشدت بكتابه الذي قرأته أكثر من مرة، ثم لما عرف أني عراقي توسل إلي لكي أزوده بنسخة من كتابة الذي اشترك في المسابقة وهو بعنوان (الإمام علي أسد الإسلام وقديسه)  لأن الأمن الأردني وبأمر مباشر من الملك حسين كان قد صادر ما لديه من نسخ الكتاب وصادر مسودة الكتاب وأحرقها جميعا لكي لا تنتشر في الأردن. فوعدته أن أوصل له نسختي الشخصية لأني كنت قد اشتريت في حينه الكتب الخمسة الفائزة بالجوائز الأولى وبضمنها كتابه، ولكن خوفي من أجهزة الأمن العراقية والأردنية حال دون ذلك في زيارتي الثانية للأردن، ولم تتح لي فرصة زيارتها مرة أخرى، فأحسست في داخلي وكأني خذلت الرجل النبيل.

اليوم في أجواء الحرية والانفتاح الفكري التي حققها التغيير في العراق جاهد بعض المخلصين لإعادة العمل بهذا التقليد الرائع؛ فاشترك مجموعة كبيرة من المفكرين والباحثين والكتاب العراقيين والعرب بمؤلفاتهم في المسابقة التي أعلنت عنها العتبة العباسية المشرفة في العام الماضي للكتابة عن الإمام الحسن بن علي (علسه السلام) تحديدا.

وفي ليله ولادة الإمام، ليلة الرابع عشر من رمضان 1434 هجرية، المصادف 23/7/2013 وفي الحفل الذي أقامته محافظة بابل تخليدا لذكرى مولد الإمام؛ برعاية سماحة السيد أحمد الصافي النجفي وثلة فاضلة من رجال الدين ومحافظ بابل أعلنت أسماء الفائزين الخمسة الأوائل ووزعت عليهم الدروع والهدايا التقديرية. وقد فاز كتابي الموسوم (الحسن بن علي، الإمامة المنسية) بالمركز الأول وبامتياز، يليه كتاب أحد الباحثين البحرينيين بالمركز الثاني وفاز ثلاثة كتاب عراقيين بالمراكز الثلاثة الأخرى.

وكانت اللجنة العلمية المسؤولة عن تقييم البحوث وهي لجنة دينية أكاديمية مشتركة قد اقترحت تغيير عنوان كتابي بعنوان آخر أكثر مرونة وليونة؛ إلا أني رفضت بشدة تغيير العنوان لأن الكتاب ليس تقليديا وهو ينتقد كل المواقف السلبية ضد الإمام سواء صدرت من هذا الجانب الديني أو ذاك؛ فلم يصروا على رأيهم.

وبهذه المناسبة أشكر القائمين على العتبة العباسية المشرفة على جهدهم الرائع في تنظيم المسابقة والحفل ومأدبة الإفطار، واشكرهم مرتين لكونهم يتماهون مع التطور الفكري لدرجة أنهم خرجوا على الموروث التقليدي وقبلوا كتبا وبحوثا تبدو جريئة في تعاملها مع الموضوع الديني بعيدا عن التهيب والخوف والنمطية المعروفة بما يعني أنهم على استعداد لقبول الرأي الآخر واحترامه بل وتأييده إذا ما كان محقا صادقا. هذا وقد أخذت العتبة المشرفة على عاتقها طباعة ونشر الكتاب في الأيام القادمة.

وأنا بدوري أهدي هذا الشرف الرفيع وهذا الجهد وهذا الفوز الكبير إلى كافة أصدقائي وأخواني وأبنائي الأعزاء. وأهديه بصورة خاصة إلى ذكرى الكاتبين العربيين المسيحيين الكبيرين روكس بن زايد العزيزي وسليمان كتاني عسى أن أفيهما بعض حقهما علينا.

هذا وسأقوم يوم الخميس المصادف 15 رمضان بإلقاء خلاصة بحثي في المؤتمر الذي ستقيمه العتبة بهذه المناسبة الشريفة.

8/5/13725

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك