تشهد مستشفيات العاصمة الفرنسية أزمة تمريض غير مسبوقة منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول، حيث انسحبت عشرات الممرضات المؤقتات احتجاجًا على تخفيض رواتبهن، ما أدى إلى إلغاء العمليات الجراحية وتأجيلها.
تعاني مستشفيات العاصمة الفرنسية من أزمة حادة منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إثر انسحاب جماعي لعشرات الممرضات العاملات بنظام العمل المؤقت. جاء هذا الانسحاب بعد أن أقدمت شركات التوظيف على تخفيض رواتبهن، رغم وجود لوائح رسمية تُحدد سقفًا للأجور. ونتيجة لذلك، اضطرت أقسام الجراحة في عدة مستشفيات إلى إلغاء العمليات أو تأجيلها، الأمر الذي تسبّب في حالة من الذعر للمرضى الذين وجدوا أنفسهم فجأة بلا موعد أو رعاية مبرمجة، وفقًا لما ذكرته صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية.
شهد الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي حالة ارتباك واسعة داخل غرف العمليات في مستشفى جورج بومبيدو الأوروبي. اليوم الذي كان من المفترض أن يبدأ بجدول دقيق للعمليات وإعدادات يشارك فيها الجراحون والممرضات، خرج عن السيطرة منذ اللحظات الأولى.
ونقل أحد العاملين في مجموعة مستشفيات AP-HP، التي تضم 38 مستشفى في باريس وضواحيها، قوله: "كل الممرضات المؤقتات ألغين مهمتهن في آخر لحظة. لم نتلقَّ أي إنذار مسبق، الليلة السابقة كان كل شيء على ما يرام". ووفقًا للمصدر نفسه، شكلت إدارة المستشفى خلية طوارئ لحصر العاملين المتبقين، حيث توقفت الفرق أمام كل غرفة عمليات لتعداد الممرضات المتواجدات، وكانت النتيجة صادمة: غياب أكثر من ثلاثة أرباع الطاقم التمريضي.
أمام هذا النقص الخطير في الكوادر، لم يعد بإمكان الجراحين ضمان شروط السلامة اللازمة لإجراء العمليات. وعليه، تم اتخاذ قرارات عاجلة تمثلت في:
ووصف موظفون هذا الوضع بأنه "كارثي للمستشفى" و "مقلق للغاية للمرضى وأسرهم"، خاصة أن العديد من المرضى وصلوا صائمين ومستعدين لإجراء العملية قبل أن يُطلب منهم العودة إلى منازلهم.
لم يكن مستشفى جورج بومبيدو حالة معزولة، فقد أشارت تقارير طبية ونقابية إلى أن عدة مستشفيات كبرى في باريس شهدت غيابًا جماعيًا للممرضات المؤقتات خلال الفترة نفسها. هذا الانسحاب أدّى إلى شلل جزئي في خدمات الجراحة، وزيادة الضغط على الفرق الدائمة التي تعاني أصلًا من صعوبة ظروف العمل.
تعود جذور الاحتجاج إلى قرار شركات التوظيف المؤقت تخفيض أجر الساعة للممرضات، تطبيقًا لسقف الأسعار الذي فرضته الحكومة مؤخرًا. لكن الممرضات يعتبرن أن: الرواتب الجديدة غير عادلة مقارنة بحجم العمل والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهن ونظام الدوام المؤقت يمثل لهن المرونة الوظيفية والتعويض المناسب عن ذلك، والمستشفيات تعتمد عليهن بشكل كبير دون أن توفر لهن استقرارًا وظيفيًا حقيقيًا.
أدى هذا التوتر إلى انسحاب جماعي بدا وكأنه إضراب غير رسمي أصاب البنية الاستشفائية في العاصمة الفرنسية بالشلل.
بينما تسعى المستشفيات لإعادة التوازن وتنظيم الجداول مجددًا، يستمر المرضى في دفع ثمن هذه الأزمة. فقد أُعيد الكثيرون إلى منازلهم في آخر لحظة، بعد أسابيع من التحضير النفسي والطبي للعمليات، ويخشى بعضهم تدهور وضعهم الصحي بسبب هذا التأجيل.
https://telegram.me/buratha
