قامت إيران بضربة نوعية وغير مسبوقة في عمق الاحتلال الإسرائيلي، حيث كشفت تقارير صباح اليوم 15 حزيران/يونيو 2025 عن تضرر عدد من مباني "معهد وايزمان للعلوم" في مدينة رحوفوت، جرّاء سقوط صاروخ باليستي انطلق من الأراضي الإيرانية ردًا على العدوان الإسرائيلي.
هذا الحدث، الذي استهدف أحد أبرز مراكز البحث العلمي الإسرائيلي في المجالات العسكرية والتطبيقية، شكّل رسالة واضحة بأن نطاق المواجهة لم يعد يقتصر على الجبهات التقليدية، بل بات يشمل المؤسسات البحثية التي تُعدّ جزءًا من البنية التحتية الإسرائيلية.
معهد وايزمان هو أحد أعرق المؤسسات البحثية الإسرائيلية، تأسس عام 1934 على يد حاييم وايزمان، أول رئيس لكيان الاحتلال، وسُمّي بدايةً "معهد دانيال زيف"، بدعم من عائلة زيف البريطانية التي كانت من أبرز الداعمين للحركة الصهيونية.
ومنذ تأسيسه، لعب المعهد دورًا محوريًا في تطوير العلوم الطبيعية والرياضية في دولة الاحتلال، كما احتضن أولى اللبنات لمشاريع التسليح والبحث العسكري، خاصة خلال فترة الاحتلال عام 1948، حين شكّل مقرًا لوحدة من "سلاح العلوم" الصهيوني.
يمتد المعهد على مساحة ألف دونم ويضم خمس كليات رئيسية: الأحياء، الكيمياء الحيوية، الكيمياء، الفيزياء، والرياضيات وعلوم الحاسوب، بالإضافة إلى مدرسة عليا للدراسات البحثية تُعرف باسم "مدرسة فاينبرغ". وقد كان المعهد أول من شغّل الحاسوب في فلسطين المحتلة (WEIZAC)، ومنه انطلقت تطبيقات أمنية وعسكرية عديدة، من أبرزها تقنيات التشفير المستخدمة في البث العسكري والتلفزيوني.
ولم يقتصر دور معهد وايزمان على تطوير المعرفة النظرية، بل كان حجر الزاوية في نقل البحث العلمي إلى سوق الربح والاحتكار عبر شركة "يدا"، الذراع الاقتصادية التي سجّلت أكثر من 1400 عائلة براءات اختراع، ووقّعت أكثر من 160 اتفاقية مع شركات إسرائيلية.
كذلك، شكّلت البنية العلمية للمعهد أداة لفرض الهيمنة الإسرائيلية على مجالات الزراعة والبيئة، إذ طوّر علماؤه بذورًا هجينة ومعدّلة تُستخدم في قطاعات الإنتاج الزراعي الإسرائيلي، إلى جانب بحوث في الطاقة المستدامة أسفرت عن إقامة أول برج شمسي في فلسطين المحتلة عام 1989.
المعهد حافظ على ارتباط وثيق بالمؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، سواء من خلال خريجيه الذين تسلموا مناصب رسمية وعسكرية، أو عبر أبحاثه التي دعمت التفوق التكنولوجي الإسرائيلي.
وبالتالي استهداف هذا المعهد لم يكن فقط ضربة عسكرية عادية، بل رسالة سياسية مفادها أن البنى التحتية الإسرائيلية، التي طالما تمتعّت بحصانة ضمنية، باتت اليوم جزءًا من بنك الأهداف في أي مواجهة مستقبلية، خاصة إذا كانت هذه المؤسسات تمثل أحد أذرع المشروع الإسرائيلي في المعرفة العسكرية، والاقتصاد، والسيطرة.
https://telegram.me/buratha
