أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، اليوم الإثنين، أن المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا مستمرة، مشيراً إلى احتمال تغيير مكان انعقادها.
وفي مؤتمره الصحفي الاسبوعي تحدث بقائي، عن التحركات الدبلوماسية خلال الأسبوع الماضي وتطورات الأوضاع في المنطقة، قائلاً: "للأسف، شهدنا في المنطقة إبادة جماعية في غزة وجرائم في الضفة الغربية. عملياً، لم يُؤخذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي قيل إن له ضامنين، على محمل الجد، حيث يواصل الكيان الصهيوني هجماته على الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الأطباء والممرضين والمستشفيات".
وأشار إلى أن "مستشفى المعمداني تعرّض مجددًا للقصف، وهو جزء من سلسلة الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. وفي لبنان، تم خرق وقف إطلاق النار، كما تجددت الهجمات على اليمن، وقد أدنّا جميع هذه الاعتداءات".
زيارة غريب آبادي إلى روسيا
وأضاف بقائي: "في الأسبوع الماضي، قام وزير الخارجية بزيارة إلى الجزائر، والتي كانت مفيدة في إطار سياسة توسيع العلاقات مع الدول الإسلامية. كما قام نائب الوزير للشؤون السياسية بزيارات إلى النمسا وصربيا وسلوفاكيا، وعُقدت لقاءات مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي. واليوم، سافر السيد غريب آبادي إلى روسيا للمشاركة في اجتماع داعمي ميثاق الأمم المتحدة".
رفع الحظر الجائر هو قضيتنا الرئيسية
وفيما يخص جولتي التفاوض بين إيران وأمريكا، واستمرار سياسة الحظر، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية: "هناك تناقضات واضحة في التصريحات الأمريكية، ويجب عليهم تسوية هذا التناقض. من أسباب إجراء المفاوضات غير المباشرة هو أنه لا يمكن الجمع بين سياسة الضغط والمفاوضات في آنٍ واحد؛ فهذا النهج غير مقبول".
وأضاف: "فيما يتعلق بمحادثات مسقط، فقد كانت هذه الجولة الأولى من المفاوضات، وقد عبّر كل طرف عن أطره المرجعية. موقفنا من الملف النووي واضح، وقد استُخدم ذريعة لخلق الأزمات طيلة العقدين الماضيين. أما قضيتنا الأساسية فهي رفع الحظر الجائر التي فُرضت على إيران على مدى العقود الماضية، وقد طرحنا هذا المطلب بجدية وسنواصل متابعته"
وفي ما يخص الجولة الجديدة من المفاوضات واحتمالية إجراء مفاوضات مباشرة، قال بقائي: "لقد كنا واضحين واحترافيين في نقل المعلومات. الوزير صرّح بأن الجولة المقبلة قد تُعقد في مكان غير عمان. الأهم من المكان هو أن شكل وأُطر التفاعل بين إيران وأمريكا لم تتغيّر".
وأضاف: "المفاوضات غير المباشرة تُدار بوساطة سلطنة عمان، ويتم اتخاذ الترتيبات من قبلهم، ونحن واثقون بأنهم سيتخذون القرار المناسب. نحن على تواصل مع الجانب العماني بخصوص مكان عقد الجولة المقبلة، وسيُتخذ القرار ويُعلَن في الوقت المناسب".
وتابع بقائي: "المفاوضات المباشرة لا تُعد مفيدة، وهي غير مقبولة بالنسبة لإيران. المفاوضات غير المباشرة ليست أسلوباً غير مألوف، وقد جُرّبت في السابق وهي تستند إلى تجارب مثبتة. علينا أن نختار الطريقة التي نثق بفاعليتها، والمفاوضات المباشرة لا تندرج ضمن هذا الإطار".
وفي ما يتعلق باقتراح إيران لألمانيا بتشكيل آلية تقصي حقائق بشأن تزويد النظام البعثي في العراق بالأسلحة الكيميائية، أوضح بقائي: "هذا الموضوع يُعد من الثوابت في أجندة وزارة الخارجية، ولن يُنسى بمرور الزمن. الجريمة التي وقعت خلال الحرب المفروضة، واستخدام الأسلحة الكيميائية، يُعد مثالاً صارخاً على جرائم الحرب، ويجب محاسبة جميع الأطراف المتورطة".
وأضاف: "رغم مرور عقود، فإن تجاهل المطالب الإيرانية المشروعة لا يعني أننا سنتخلى عن متابعة القضية. اقتراح تشكيل آلية لتقصي الحقائق حول دور الشركات الألمانية في تزويد العراق بمواد حساسة طُرح منذ فترة، وتم إبلاغ السفارة الألمانية به في سبتمبر 2023. وقد أكدنا مراراً أننا نتوقع ردًا إيجابيًا من الجانب الألماني إن كانت هناك نية صادقة. في التسعينات، جرت بعض التحقيقات، وإن وُجدت نتائج، فنحن نطالب بمشاركتها مع إيران".
وعن اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا، والتي تم إقرارها في روسيا، قال بقائي: "كانت هذه الاتفاقية مهمة للغاية بالنسبة لنا أثناء مرحلة التفاوض، وقد أُعدّت بعناية كبيرة. تمريرها في البرلمان وتنفيذها يُعد من أولويات وزارة الخارجية. وقد تم إعداد مشروع القانون المتعلق بها وإحالته إلى مجلس الوزراء، وبدأت الإجراءات بالفعل، ونأمل في إحالتها إلى البرلمان قريبًا".
وتحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حول العلاقات مع ألمانيا، قائلاً: "أشرتُ الأسبوع الماضي إلى أننا نولي قيمة واحتراماً كبيرين للعلاقات الودية المبنية على الاحترام المتبادل. كانت ألمانيا من شركائنا التجاريين، ونحن نسعى إلى الحفاظ على هذه العلاقات وتعزيزها".
وأضاف: "نأسف لما حدث خلال فترة من الزمن من توتر في العلاقات نتيجة السلوكيات المتطرفة من الجانب الآخر، لا سيما ما يتعلق بعرقلة العلاقات الشعبية بين البلدين، وإغلاق بعض المراكز في ألمانيا. وبشأن الأنباء التي تم تداولها حول ترشيح وزيرة الخارجية الألمانية لتولي رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد سمعنا ذلك، لكنه لم يكن متوقعاً بالنسبة لنا. من يرغب في الترشح لمثل هذا المنصب يجب أن يمتلك سجلًا يُعتد به في العلاقات الدولية".
وفيما يخص زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إلى طهران، صرّح بقائي: "تم التوصل إلى اتفاق بشأن الزيارة، والمبدأ العام قد تم التفاهم عليه. أما فيما يتعلق بالتفاصيل، فإن بعثتنا في فيينا تتابعها بالتنسيق مع مكتب المدير العام. وأعتقد أن الزيارة يُتوقَّع أن تتم خلال هذا الأسبوع".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن "زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، تم التخطيط لها مسبقًا، وقد جاءت في إطار التفاعل المستمر بين إيران والوكالة"، مشيرًا إلى أن "التنسيق بدأ منذ المحادثة الهاتفية التي جرت بين وزير الخارجية والسيد غروسي، وتندرج الزيارة ضمن الآليات المعتادة للتعاون مع الوكالة الدولية".
وفيما يتعلق بادعاءات حول وجود شركات أمريكية في إيران، علّق بقائي قائلاً: "أعتقد أنه ينبغي الحكم على هذه المسائل بروية. لقد عقدنا جلسة استغرقت ساعتين ونصف، ناقشنا خلالها القضايا الأساسية بين البلدين، وهي من جانبنا رفع الحظر، ومن جانبهم الملف النووي".
وأضاف: "إيران لم تضع أبدًا عراقيل أمام التعاون الاقتصادي، بل المشكلة تكمن في السياسات الأمريكية ذاتها، حيث تحرم هذه السياسات، عبر قوانينها المعقدة، مواطنيها من فرص التعاون الاقتصادي مع إيران".
وفي سياق آخر، أشار بقائي إلى أهمية معرض إكسبو 2025 والمنتدى الاقتصادي الإيراني الأفريقي، قائلاً: "إكسبو حدث مهم للتعريف بقدرات إيران، وسيُعقد في الأسبوع الأول أبريل. وسيُقام على هامشه المنتدى الاقتصادي بين إيران وأفريقيا، وقد أبدى عدد كبير من الدول الأفريقية استعدادهم للمشاركة".
وأضاف: "نحن عازمون على استكشاف إمكانات العلاقات مع القارة الأفريقية وتعزيزها".
وعن الموقف الأوروبي تجاه إيران، قال بقائي: "موقف إيران التفاوضي واضح، وهو نفسه الذي التزمنا به في السابق. من الطبيعي أنه في سياق تطورات المفاوضات قد يتم تعديل بعض المواقف وفقًا للظروف".
وتابع: "أما عن صمت الدول الأوروبية في وسائل الإعلام، فهذا أمر يعود لهم، لكن لا يوجد أي تفاهم تم التوصل إليه بين الطرفين في هذا الصدد".
وأشار بقائي إلى مستوى التنسيق بين وزارة الخارجية وباقي مؤسسات الدولة حول المفاوضات، قائلاً: "التنسيق يجري على أعلى المستويات، وهناك انسجام يستحق التقدير. كما أن ممثلي الشعب في البرلمان أُحيطوا علمًا بكافة التطورات، سواء قبلها أو بعدها".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ردًّا على سؤال لوكالة تسنيم حول التشاور مع أطراف الاتفاق النووي بشأن المفاوضات بين إيران وأمريكا، إن "الاتفاق النووي لا يزال قائمًا من الناحية القانونية، وله أطراف محددة، وإيران تواصل تعاملها ومشاوراتها في إطاره".
وأضاف: "هذه التفاعلات مثمرة وستتواصل، ومن المقرر أن يزور السيد عباس عراقجي روسيا في نهاية هذا الأسبوع في إطار زيارة مخططة سلفًا، والتي ستتضمن أيضا مشاورات بشأن المحادثات مع واشنطن".
كما أشار إلى أن "المشاورات مع الجانب الأوروبي مستمرة، وكان هناك أيضًا الأسبوع الماضي زيارة للسيد مجيد تخت روانجي إلى أوروبا".
وحول قضية المواطنة الإيرانية المعتقلة في فرنسا، أوضح بقائي أن "المواطنة الإيرانية تم توقيفها قبل عدة أسابيع، ورغم متابعة السفارة الإيرانية عدة مرات، فقد قيل لنا فقط إن سبب توقيفها هو دعمها لما يعتبرونه جماعات متطرفة".
وتابع: "اللافت أن السيدة عبّرت فقط عن دعمها للشعب الفلسطيني في غزة، وهو ما يحمل دلالة خاصة. ونحن نطالب السلطات الفرنسية بالسماح بالزيارة القنصلية لهذه المواطنة".
وفيما يخص مواقف الدول العربية من المفاوضات، قال بقائي: "نثمّن النهج الإيجابي والبنّاء من جانب كافة دول الجوار، ليس فقط تجاه هذه التطورات بل أيضًا في السياق الأوسع لتحولات المنطقة".
وأكد أن "أمن الجيران من أمننا، وخلال الأشهر الستة الماضية شهدنا تفاعلات إيجابية في علاقاتنا مع دول الجوار، وذلك في سياق سياسة الجوار التي انتهجتها حكومة الشهيد رئيسي".
كما كشف عن "إحاطة دول المنطقة بمجريات الحوار"، مضيفًا: "السيد عراقجي أجرى اتصالات مع مصر وقطر والإمارات والكويت، وسنواصل هذا النهج".
https://telegram.me/buratha
