الصفحة الدولية

ترامب يفرض رسوما جمركية على الحلفاء والخصوم!


صرّح دميتري سوسلوف مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية في مدرسة الاقتصاد الروسية بإن الرسوم الجمركية والتهديد بها ستكون أدوات رئيسية في السياسة الخارجية الأمريكية خلال عهد ترامب.

وتساءل سوسلوف في مقال نشره عن الأسباب التي دفعت ترامب لفرض الرسوم الجمركية على الحلفاء والخصوم، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي يهدد بفرض رسوم جمركية على جميع الدول التي لديه خلافات معها، بغض النظر عما إذا كانت خصوما أو حلفاء لواشنطن.

استخدام الرسوم لتحقيق مكاسب سياسية..

ووفقا له، "ما يميز ترامب هو أنه يستخدم التهديد بالرسوم الجمركية ليس فقط لتصحيح الاختلالات التجارية مع الدول الأخرى، بل أيضا لتحقيق أي نوع من التنازلات التي يريدها، سواء كانت مرتبطة بالتجارة أم لا"، وتابع، "على سبيل المثال، اشترط على كندا والمكسيك تعزيز حماية حدودهما ومحاربة تهريب المخدرات (بما في ذلك تهريب الفنتانيل إلى الولايات المتحدة)، وحتى أنه أشار إلى أنه يفضل استخدام الرسوم الجمركية على العقوبات كوسيلة ضغط على روسيا لقبول تسوية غير مقبولة بالنسبة لها بشأن النزاع الأوكراني، رغم أن التجارة الروسية-الأمريكية اليوم تكاد تكون معدومة".

أسباب الاعتماد على الرسوم الجمركية..

وأوضح سوسلوف أسباب ترامب في فرض الرسوم الجمركية بما يلي:

السبب الأول هو أن ترامب مؤيد قوي للمذهب التجاري الاقتصادي (المركنتيلية)، وهو يعتقد بصدق أن الرسوم الجمركية وغيرها من الإجراءات الحمائية مفيدة وحتى ضرورية لتحقيق الأهداف التي تواجهها الولايات المتحدة حاليًا، مثل إعادة التصنيع وتعزيز القدرة التنافسية الأمريكية في مواجهة الخصم الاستراتيجي الرئيسي، الصين.

وأشار إلى أن ترامب يسعى إلى تقليص العجز التجاري وتحقيق فائض من خلال تقليل الواردات وزيادة الصادرات، وهي أفكار مستوحاة من مبادئ الاقتصاد السياسي الكلاسيكي الذي يعود إلى زمن توماس مان (1571-1641).

كما يعتبر ترامب نفسه تلميذًا للرئيس الأمريكي الخامس والعشرين ويليام ماكينلي، الذي يُعتبر عهده ذروة الإمبريالية الأمريكية والحماية الاقتصادية.

أما السبب الثاني فهو أن ترامب يحتاج إلى انتصارات سريعة ورمزية ومثيرة في ذات الوقت، وتهدف هذه الانتصارات إلى خلق انطباع بأنه يقوم بتصحيح الأخطاء والمشكلات التي تراكمت خلال فترة رئاسة جو بايدن، وإظهار أن جهوده الرامية إلى وقف "الانحدار" الذي بدأ في عهد الديمقراطيين، والذي يتحدث عنه ترامب باستمرار، وإعادة "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، تؤتي ثمارها.

كما تهدف إلى إظهار أن نهج "السلام من خلال القوة" الذي يتبناه فعال، وأن ترامب نفسه هو سيد المفاوضات والصفقات. بمعنى آخر، يحتاج الرئيس السابع والأربعون إلى أدلة ملموسة على الخطاب الذي بنى عليه حملته الانتخابية ويستمر في الترويج له حتى اليوم.

والسبب الثالث والأهم، وفقا لسوسلوف، هو تعزيز مكانة الولايات المتحدة في مواجهة المنافسين، وخاصة الصين.

وأوضح أن تعزيز الدور الاقتصادي لأمريكا اللاتينية ودعم هيمنة واشنطن على كندا والمكسيك ليست بأي حال منعزلة عن العالم، بل هي جزء من استراتيجية الهيمنة غير الليبرالية التي يتبعها ترامب.

ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية ملتزمة بالحفاظ على الدولار كعملة احتياطية عالمية وتعارض بشدة المؤسسات المناهضة للهيمنة مثل مجموعة "البريكس" التي تدعو إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب.

انتصارات قصيرة الأمد وهزيمة طويلة الأمد..

على الرغم من أن تهديدات الحروب التجارية قد تحقق بعض النجاحات قصيرة الأمد، خاصة مع الحلفاء الذين يسعون إلى الحفاظ على علاقتهم مع واشنطن، إلا أنها ستؤدي على المدى الطويل إلى زيادة رغبة الدول في تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة وبناء علاقات بدونها، خاصة في إطار "البريكس"، بحسب سوسلوف.

لذلك، كلما زادت الولايات المتحدة من استخدام التهديدات والابتزاز، بما في ذلك عبر الرسوم الجمركية، زادت رغبة دول الأغلبية العالمية في تقليل اعتمادها على واشنطن وبناء علاقاتها دون الولايات المتحدة وليس ضدها.

وبحسب قوله، فإنه وحتى الصين، التي ليست لديها مصلحة في تصعيد المواجهة مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل الصعوبات الاقتصادية الداخلية، قد توافق على عقد صفقة تجارية مع واشنطن، لكن هذه الصفقة، كما ذكرنا، لن تعني إنهاء التنافس بالنسبة لأي من الطرفين.

ومع ذلك، فإن سعي ترامب لتحقيق قفزة أمريكية إلى الأمام وتعزيز الهيمنة العالمية من المرجح أن يفشل على المدى الطويل.

وأبرز أن تشكيل عالم متعدد الأقطاب، وتعزيز مراكز القوة غير الغربية، ورغبة المزيد من الدول غير الغربية في تعزيز سيادتها وسياستها الخارجية المستقلة، وعدم رغبتها في أن تكون تابعة للولايات المتحدة أو خدمة مصالحها على حساب مصالحها الخاصة، هي عمليات رئيسية ولا رجعة فيها.

في الختام قال إنه حتى الحلفاء التقليديون للولايات المتحدة قد يبدأون في التفكير في الاستقلالية مع مرور الوقت، ففي النهاية، كان خضوعهم للولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية يعود إلى أنهم كانوا يحصلون على مزايا مثل الأمن والتكنولوجيا والوصول إلى السوق الأمريكية والمساعدة الاقتصادية.

أما الآن، فإن أمريكا تحرمهم من المزايا الاقتصادية (بل وتستنزفهم) وتشكك حتى في ضمانات الأمن.

وخلص قائلا: "بالطبع، معظم النخب الحالية في أوروبا واليابان هي من صنع الولايات المتحدة، وهي نتاج هندسة اجتماعية أمريكية، لكن في ظل الأزمات ونهاية الهيمنة الأمريكية الودية، لا يمكن أن تبقى هذه النخب في السلطة إلى الأبد، وصعود اليمين واليسار "الشعبوي" في أوروبا هو دليل واضح على ذلك".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك