الصفحة الدولية

انهيار متسارع لأستراتيجية "اعادة التنظيم " حرب باردة جديدة في الشرق الأوسط


الغاء اجتماع القمة بين باراك اوباما وفلاديمير بوتين ، الذي كان مرتقبا في مطلع أيلول، "بعد دراسة معمقة " من الجانب الأميركي يؤشر الى توتر جديد في العلاقات الأميركية _ الروسية ، وتصريحات الرئيس الأميركي الأخيرة ، التي اتهم فيها روسيا بالعودة أحيانا الى "عقلية الحرب الباردة " ليست آخر الأدلة على هذا التدهور .

وتتوقع مصادر دبلوماسية في بيروت أن تشهد منطقة الشرق الأوسط في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة، تصعيداً ملموساً في الصراعات الدولية ينعكس سلباً على الكثير من دولها.

سبب هذا التصعيد، وفق هذه المصادر، هو إنهيار جل استراتيجية "إعادة تنظيم" العلاقات ( Reset) التي وضعتها إدارة أوباما منذ العام 2009 بهدف بناء شراكة استراتيجية مع روسيا.

صحيح أن هذه الاستراتيجية حققت العديد من الاختراقات، مثل انضمام موسكو إلى العقوبات الغربية ضد إيران ومشاركتها في الحرب على الإرهاب في أفغانستان والشرق الأوسط وآسيا الوسطى، في مقابل دمج روسيا في الاقتصاد العالمي وإطلاق يدها جزئياً في بعض مناطق الاتحاد السوفيتي السابق.

إلا أن السنتين الأخيرتين شهدت جموداً ثم تراجعاً في هذا التعاون، بعد أن برزت خلافات بين الطرفين حول العديد من المسائل كسورية وثورات الربيع العربي، والدرع الصاروخي في أوروبا، والتطورات في جورجيا وأوكرانيا.

بيد أن العامل الأهم في تراجع العلاقات كان رغبة الرئيس بوتين الجامحة في حمل الرئيس أوباما على معاملته كند متساوٍ في الأهمية والأدوار، الأمر الذي دفعه إلى القيام بخطوة أدت إلى قرع الكثير من أجراس الانذار في واشنطن: التقارب مع الصين، ودعوتها إلى الوقوف معاً ضد استراتيجية أوباما التي أطلق عليه اسم "الاستدارة نحو آسيا" (Pivot ) .

ثم جاء الحافز الذي دفع أوباما إلى تفجير الخلافات علناً مع بوتين وإلى إعلان الوفاة السريرية لاستراتيجية "إعادة التنظيم"، وهو موافقة موسكو أمس الأول على منح عميل الاستخبارات الأميركي سنودن حق اللجوء السياسي لمدة سنة. إذ حينها أطلق أوباما أول تصريح من نوعه منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1991، حين أعلن أن الرئيس الروسي "لايزال يعمل بعقلية الحرب الباردة". وهذا كان تصريحاً خطيراً بما فيه الكفاية، لأنه يعني عملياً أن واشنطن باتت قاب قوسين أو أدنى من اعتبار نفسها في حالة حرب باردة جديدة تشنها روسيا- بوتين عليها.

بالطبع، الأمور لم تصل بعد إلى هذه المرحلة. فأوباما، رغم ألغائه القمة الثنائية المقررة مع بوتين، لايزال مستعداً لحضور قمة مجموعة العشرين في روسيا. ووزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان سيواصلان المحادثات غداً في موسكو مع زميليهما الروسيين حول إبرام اتفاقية جديدة لخفض الأسلحة النووية وحول سورية و إيران.

لكن مع ذلك، تشير المصادر الدبلوماسية إلى أن العلاقات الأميركية- الروسية دخلت بالفعل مرحلة جديدة ستتغلَّب فيها روح التنافس على نزعة التعاون، والضغوط على التسويات، والمجابهات على التحالفات.

وهذا قد يتضح أكثر مايتضح في سورية التي كانت واشنطن قد منحت موسكو حيالها شيكاً على بياض لترتيب أمور المرحلة الانتقالية فيها. لكن المصادر تتوقع الآن انخراطاً أميركياً أكبر وأوضح في دعم المعارضة السورية المسلحة، وحملات دبلوماسية أميركية أكثر حدة في مجلس الأمن وبقية المحافل الدولية ضد السياسة الروسية في سورية.

يبقى سؤال : أين العراق في هذه الأنعطافة ؟

وهذه الخطوة في حال حدوثها (والأرجح أنها ستحدث)، ستدفع روسيا إلى الرد من خلال التقارب أكثر من إيران وتشجيعها على رفض أي تنازلات نوعية في مفاوضاتها المقبلة مع الغرب. كما قد تدفعها إلى محاولة جذب العراق إلى محورها، سواء عبر صفقات أسلحة أقل كلفة أو من خلال تعاون أمني واقتصادي أوثق.

موسكو قد تفيد أيضاً من امتعاض السلطات المصرية الجديدة من الدور الأميركي في الأزمة السياسية المصرية، وإن كانت تعلم أن ذلك لن يؤذ واشنطن كثيراً بسبب اعتماد الجيش المصري كلياً على الأسلحة والمساعدات العسكرية والمالية الأميركية.

بكلمات أوضح: المنطقة مقبلة على حرب باردة روسية - أميركية جديدة، وإن ستكون حرباً من نمط جديد بسبب غياب العامل الإديولوجي عنها، ستستخدم فيها كل أنواع الأسلحة الاقتصادية والدبوماسية والأمنية.

وتشدد المصادر على أن الخاسر الأكبر في مثل هذه الحرب ستكون شعوب المنطقة، لأنه حين تتواجه الفيلة يكون العشب أول من يدفع الثمن.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك