يملك عراقيون أسهماً محدودة في المصرف الأهلي العراقي، ويأملون أن أرباحهم منها تحسّن حياتهم وتمكنهم من التقدم المالي، لكن الواقع صدمهم بقسوة وخيّب آمالهم كما عبروا بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومنذ سنوات يحذر نواب وخبراء اقتصاديون من أنشطة للمصرف، يؤكدون أنها "تضر اقتصاد العراق وتخدم اقتصاد الأردن حيث مقر البنك المالك" ومن ذلك "همينته" على نافذة بيع العملة الأجنبية في البنك المركزي العراقي.
"أموال ترسل للأردن بآلية مضحكة!"
يقول أحد المساهمين في المصرف الأهلي العراقي، وهو علي القويزي، المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي بصفته متخصص في شؤون الاستثمار في مقطع مصور اطلعت عليه السومرية نيوز، إن "المدير المفوض للمصرف الأهلي أيمن أبو دهيم (أردني الجنسية) قدم فقرة للمساهمين دون علمهم ومعرفتهم أو قراءتها لهم وقال تعالوا نصوت على قرار بمنح مصرف (كابيتال الأردني) المالك للمصرف الأهلي بقيمة 62 بالمئة، ما نسبته 5 بالمئة من أرباح السنة المالية السابقة والبالغة 250 مليار دينار، كتكلفة تشغيلية لخدمة بنك مراسلة".
ويضيف، أن "المساهمين اعترضوا وقالوا له إن كلامك غير صحيح، حيث لو كانت هذه تكلفة تشغيلية فعلاً لتم وضعها في ميزانية المصرف دون الحاجة لموافقة المستثمرين، لكن طرح الأمر بهذه الطريقة يعني الحاجة لإقرار من المستثمرين".
وتابع أن "مصرف (كابيتال) لو كان مصرف مراسلة لكان يمكن وضع مبلغ معين مقابل خدماته ثم تطلب إدارة المصرف الأهلي عروضاً من مصارف أخرى وتقارن بينها وتختار الأنسب من العروض ثم تقدمه إلى المساهمين، وهذا هو المنطق المتبع في هكذا قضايا".
و"كابيتال بنك" هو مصرف أردني اشترى في 2005 أغلبية أسهم المصرف الأهلي العراقي ونسبتها (61.85 بالمئة كما يرد على موقعه الإلكتروني، رغم أن القانون العراقي يمنح المستثمر الأجنبي حصة لا تتجاوز 49%، في حين منحت المصارف الأجنبية حصة 100% بموجب المادة 107 من قانون المصارف، التي تتيح لمجلس إدارة البنك المركزي صلاحية تحديد النسبة دون قيد.
اللافت، والكلام لعلي القويزي، هو أن "المدير المفوض للمصرف الأهلي أيمن أبو ديهم خفضّ نسبة الأرباح لمصرف (كابيتال) من 5 بالمئة إلى 3 بالمئة، وهي 7 مليارات ونصف مليار دينار، ما يعني تخفيض 5 مليارات دينار، فكيف استطاع ذلك؟ بينما هكذا قرار يحتاج إلى نقاش وإجراءات! إذن هناك مشكلة".
"أرفضوا أنتم، أما القرار فسينفذ"
ويشير القويزي إلى أن "المساهمين قالوا لأبو ديهم إنك تضيّع المصرف الأهلي بهكذا قرارات، فأجابهم: صوتوا أنتم ضد قرار منح الـ7 مليارات ونصف المليار لمصرف (كابيتال) بينما أصوت أنا لصالح القرار، فردوا عليه إن نسبة مساهمتك في المصرف تبلغ 62 بالمئة وبمجرد أن تصوت على قرار فمعناه الموافقة عليه".
ولا تقتصر أرباح "كابيتال بنك" المالك للمصرف الأهلي على هذه الأموال، فهو يستحوذ وفق النائب عامر عبد الجبار، على نافذة بيع العملة الأجنبية في العراق، والتي يباع خلالها يومياً 300 مليون دولار.
ويؤكد عبد الجبار على أن استحواذ المصرف الأهلي الأردني على الحصة الأكبر من نافذة بيع العملة يمثل "باباً جديداً لدعم الاقتصاد الأردني"، في إشارة إلى تحويل مبالغ ضخمة من الدولار إلى مصارف أجنبية بحجج استيرادية غير واضحة.
ويلفت إلى "هذا التغيير في المعادلة المصرفية حدث بسبب سياسات البنك المركزي، حيث ارتفعت مبيعات الدولار اليومية من 85 مليون دولار في عهد المحافظ السابق إلى نحو 300 مليون دولار حالياً، ما يضاعف فرص الاستفادة للمصارف الأجنبية".
ويمثل هذا بنظر نواب وخبراء نموذجاً على فشل السياسات النقدية المتبعة في العراق، ويكشف عن هشاشة النظام المصرفي أمام الضغوط الإقليمية والدولية.
وبقدر ما يعكس الأمر حاجة العراق إلى شبكات مصرفية معترف بها دولياً، إلا أنه يسلّط الضوء أيضاً على التبعية الاقتصادية المتزايدة، ما يفرض ضرورة إصلاحات جذرية في هيكل النظام المالي العراقي.
https://telegram.me/buratha
