الصفحة الاقتصادية

تنظيم عمليات الإستيراد، ضرورة أم ترف؟

2304 2022-12-17

ضياء المحسن ||

 

باحث في الشأن المالي والإقتصادي

 

تعد عمليات الإستيراد واحدة من الوسائل المهمة في الاقتصاد الوطني، كونها عملية تقوم بتأمين إحتياجات الاقتصاد نتيجة عدم قدرة الإنتاج المحلي على تغطية كامل تلك الإحتياجات، وهي عمليات تستنزف قدراً من الإحتياطيات الأجنبية كلاً بقدر، بحسب ضخامة أو ضآلة هذه الإستيرادات والمناشئ التي يتم الإستيراد منها.

لكن في جميع النظم الاقتصادية فإن هذه العمليات محكومة بأنظمة وقوانين تحكمها المصارف المركزية في هذه البلدان، من حيث عمليات التحويل المالي وتعهد الجهة التي تُصدر السلع بوصولها في وقتها المحدد لمنع عمليات التلاعب بالأسواق المحلية وإحتكار المواد من قبل ذوي النفوس الضعيفة.

يتم تنظيم هذه العمليات المالية من قبل دائرة متخصصة، تتعامل مع مصارف خارجية، يُطلق عليها (البنوك المراسلة) مهمتها إدارة عمليات التحويل المالي بعد تلقيها إشعار من المستورد بأنه استلم بضاعته، وكان البنك المركزي العراقي يتولى هذه المهمة من خلال دائرة التحويل الخارجي قبل عام 2003، لكن هذه المهمة انتقلت الى المصارف التجارية الخاصة بعد عام 2003 على أمل أن تقوم بمراعاة متطلبات الاقتصاد العراقي ومصلحته في ذات الوقت، لكن الذي حصل عكس ذلك تماماً، حيث العشوائية في الإستيرادات، والمبالغة في التحويلات المالية، بحيث باتت أغلب تلك التحويلات عبارة عن عمليات تهريب للعملة الأجنبية وغسيل أموال للفاسدين والسُراق.

الملاحظة الغريبة بالنسبة لكثير من المختصين هي إغراق السوق المحلية بكثير من البضائع من مناشئ غير رصينة، بالإضافة الى المغالاة في أسعار هذه السلع عند تقديم الكشوفات الخاصة بتلك البضائع الى المصارف التجارية لتغطية تلك المشتريات بالعملة الأجنبية وتسوية تلك المشتريات، بما يمنح الفرصة للمتصيدين في الماء العكر لإستغلال هذا الموضوع وتوظيفه لتهريب الأموال خارج البلد وتبييض الأموال لكثير من الفاسدين، هذا عدا عن كون هذه السلع لا تضيف شيئاً الى عملية التنمية كونها سلع إستهلاكية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهي تؤثر تأثيراً كبيراً على الصناعات المحلية، بسبب الإعفاءات الضريبية لهذه السلع وبالتالي فهي رخيصة الثمن قياساً الى السلع العراقية التي تخضع المواد الأولية الداخلة في إنتاجها لضوابط معقدة فيما يتعلق بالضريبة، الأغرب من هذا فإننا لاحظنا أن بعض الإستيرادات كمياتها لا تتوافق مع متطلبات السوق، فهذه الكميات تحتاج الى عقود ليتم إستهلاكها في بلد مثل العراق.

مما تقدم فإن تنظيم عمليات الإستيراد التي تستنزف الإحتياطيات النقدية، والتي لا تقدم أية إضافة لعملية التنمية الاقتصادية أصبح ضرورة ملحة في هذا الوقت، خاصة مع وجود برنامج حكومي يؤكد على تنشيط الاقتصاد الوطني من خلال تفعيل القطاعات الاقتصادية المنتجة، والتي جرى إهمالها طيلة الأعوام الماضية، لغرض توفير سلع ومنتجات محلية الصنع، بالإضافة الى إيقاف الهدر الكبير في الإحتياطيات النقدية والتي من الممكن توظيفها في مجالات إستثمارية أخرى تعيد النشاط لمصانع متوقفة عن العمل.

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك