الكاريكاتير

كاريكاتير/ ريشة قلم ..صناعة التفاهة ..


 

علي عاتب ||

 

لم يكن صعباً أن تستشري (صناعة التفاهة) في مجتمع يتراجع الطلب فيه بإضطراد من المعرفة العميقة ، وتُرجح كفة المعرفة السطحية ، والكثير من الناس لا يقرأون ، وإن قرأوا فإنهم يعتمدون على (الفيسبوك وأخواته) ، وهي وسائل تقدم المعرفة ونقيضها ، ومن خلالها قد يعرف الناس من بعضهم عن ما يجري ، لكنها معرفة سطحية مشوهة ، وملونة تختلط فيها الحقائق بالآراء الخاصة ، والصدق بالتزوير، بل وأحياناً تكون المعرفة كلها مزورة بسبب التهاون مع الفبركة ونسج قصص ليس لها وجود إلا في قواميس الجيوش الالكترونية المؤدلجة .

لقد تمكن (صناع التفاهة) بأدوات أمريكية وأموال خليجية سخية من أحتلال فضاء محلي كبير ، ومنصات إعلامية مؤثرة بخطوات تجهيل وتسطيح واسعة النطاق ، إطاحت بالذوق العام ، وهتكت القيم المجتمعية .

 فبات سعلوسة وبنين الموسوي وسعدون الساعدي وقبلهم البشير شو وغيرهم من عاهات وسائل التواصل الاجتماعي ، من الشخصيات إلاعلامية المشهورة ، يمتلكون جمهور عريض ، وملايين المتابعين ؟؟! .. فيما يعاني الكثير من المثقفين  والادباء والفنانين الحريصين على صناعة محتوى جيد من عزلة حقيقية ، غارقين وسط (فوضى خلاقة) إنتهجها المحتل الأمريكي ، ليؤسس ورش عمل لمحتوى هابط ، من أربعة خطوط إنتاجية أضرت بالوعي الأخلاقي ضمن مضمار (التضييق والتمزيق والتلفيق والتصديق) ، فقد ضيقوا أولاً وبكل شدة على (صناع الوعي الراقي) ، حاصروهم ومنعوهم من الظهور إلا في زوايا وجيوب صغيرة ، ثم قاموا ثانياً برفع برقع الحياء بالكامل ، فاستبدلوا القاموس المهذب المتعارف على إستعماله في الحيز العام بقاموس مختلف يمزق الشرف ويسرف في الهجاء ، ولم تكن تلك الخطوة إلا مقدمةً للخطوة الثالثة وهي التلفيق بالافتراء لكل المختلفين في الرأي ، بقصص ليس لها وجود وإتهامات كاذبة لا أساس لها من الصحة تمهيداً للخطوة الرابعة وهي صناعة التصديق لأن الكذبة عند صناع التفاهة كلما كانت كبيرة كلما كان إحتمال تصديق الناس لها أكبر .

وقد شارك في (صناعة التفاهة) أطراف عديدة على رأسهم الساسة المستبدون وكل من كان في ركبهم من المثقفون المؤدلجون .

فالمستبدون يخافون من الأفكار الجريئة ويكرهون الوعي النير مفضلين إما الوعي السطحي ، أو اللاوعي ، ويدعمهم بذلك المثقفين المؤدلجين ، فيهتمون بجماهيرهم على حساب الحقائق .. فالاستبداد لا يسمح لحملة الرسائل المستنيرة بالبزوغ ، وهكذا تفشت (صناعة التفاهة) مخلفة تشوه بصري وسمعي واسع .

                                       

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك