ثقافة الكراهية والدجل والقتل

القط الذي أعدم "العصفورات"!

2590 2023-06-01

عبدالملك سام ||

 

سألني أحد الأصدقاء ما سبب عدم كتابتي حتى الآن عن  موضوع إعدام السعودية لشابين بحرينيين، فأجبته بأن الموضوع غير طارئ؛ ورغم أن الموضوع مؤلم حقا، إلا أننا لو أنتظرنا قليلا فسوف نرى بأن الموضوع سيتكرر قريبا وبشكل أوسع قد يشمل جنسيات أخرى.. ولو سألتني (لماذا؟) فهذا أمر سيجعلني أعيد النظر في صداقتنا! فالموضوع واضح ومتكرر ودائم ومن ضمن طبيعة هذه الأسرة المجرمة التي لم يسلم من شرها أي بلد عربي أو شعب مسلم.

هناك بديهية مشهورة تسمى "بديهية ثيوسيديدس"، وهي تنص على أن القوي يفعل ما يريد، بينما الضعيف يعاني كما يجب! وبعيدا عن المثاليات والأخلاق فهذا الأمر هو الواقع، سواء أعجبنا أم لم يعجبنا، "إلا أنه يغلق سرداب الحقيقة المظلم العطن" كما قال أحد الكتاب العرب! فالأمر بديهي كما هو واضح حتى لو كانت مشاعرك ترفضه، وكونك تعاني فهذا يعني أنك في موقع الضعيف الذي يجب أن يعاني كما يجب، ولكي تخرج من دائرة الصراع مع قبول هذه الحقيقة المرة فيجب عليك أن تخرج نفسك من وضع الإستضعاف أولا!

يقولون أن الشكوى لغير الله مذلة، وهذا أمر أثبتته التجربة البشرية عبر التاريخ؛ فهناك دوما قوي يتجبر ويظلم، وهناك دوما ضعيف يشكو لمن لا يهتم، وهناك دوما أنذال يبررون للظالم فعلته! فما الجديد الذي سنقوله، في حين أننا رأينا كيف تفاعل الناس مع مآساة (فطوم) التي أكل القط عصافيرها حتى أصبحت "ترند" على مواقع التواصل الإجتماعي، في حين أن جريمة قتل الإنسان لم تحظ منا بنصف هذا الإهتمام! فنحن أيضا نعبر عن صحة "بديهية ثيوسيديدس"!

هذا يرجعنا بشكل دائم للجدل الدائر حول تأثيرات مواقع التواصل الإجتماعي (السوشيال ميديا) على أخلاق من يرتادونها؛ فقد تحول 99% منا إلى باحثين عن الإعجاب (Likes) مما جعلهم يهملون قضاياهم، ويمارسون السخف حتى ينالوا بعض الإهتمام الذي لا قيمة له في الواقع، وهم مقتنعون أن هذا الأمر لا ضرر فيه، في حين أن الأمر قد حولنا إلى شهود زور نقوم - بقصد أو بدون قصد - بالتغطية على القضايا التي يفترض أن تكون أول إهتماماتنا، والأولى بمناقشتها، بل أننا تحولنا إلى طرف مضلل!

الإستمرار في هذه الطريق لن يعني سوى المزيد من المعاناة، ولو رأينا الوضع بعين فاحصة فسنجد أنه لم يخرج من هذه الدائرة سوى الأمم التي تولي وقتها وحياتها وقضاياها الإهتمام المناسب.. لذا يجب أن نجعل لكلامنا ووقتنا قيمة، وأن نعطي قضايانا إهتمام أكبر، وأن نتعلم أن يكون لنا تأثير، وأن نغير من أسلوب خطابنا مع الآخرين حتى يغيروا نظرتهم لنا، وأن نحرض بعضنا على تغيير واقع الضعف والمسكنة لنتمكن من تغيير موقعنا، وبذلك سنفعل ما نريد، ونجعل الظالمين يعانون كما يجب.. وبغير هذا الأمر، فلا جدوى من الشكوى، ولنرح رؤوسنا ودعونا نتابع آخر أحداث القط الذي أكل "العصفورات"!!

#⃣ الحملات التي نقوم بها بين الحين والآخر على مواقع التواصل الإجتماعي تطبيق جيد على ما يمكن أن نفعله كأستثمار ناجح للوقت والمجهود، خاصة ونحن نصل بقضايانا لتكون "تريند" عالمي.. لكن ماذا سيحدث لو كان هذا الأمر يحدث بشكل دائم؟ التغيير سيحدث لو أعتبرنا أن الوقت أمانة، والكلمة أمانة، والموقف أمانة! فقف مع نفسك وسترى أي تغيير سيحدث في واقعك!

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (ثقافة الكراهية والدجل والقتل)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك