ثقافة الكراهية والدجل والقتل

"داعش" يعدم أشباله المعاقين عملا بتعاليم النازية

1830 2015-12-15

تناقلت وسائل الإعلام أنباء مفادها أن إجرام عناصر "داعش" وصل بهم إلى إعدام 38 طفلا معاقا ولدتهم لهم سباياهم ومن ملكت أيمانهم من الإماء والجواري في سوريا والعراق.

 وذكرت وسائل إعلام ومواقع التواصل الإجتماعي أن الأطفال "المحكومين" بالإعدام على أيدي الدواعش كانوا في معظمهم من المصابين بمرض البلاهة المنغولية (متلازمة داون)، وأن الأطفال الذين تصنفهم البشرية بين ذوي الاحتياجات الخاصة لقوا حتفهم خنقا أو بحقنهم بعقاقير خاصة بـ"أحكام" نفذت بموجب "فتوى" صادرة عن "قاض شرعي" سعودي الجنسية.

والملفت في هذه الإعدامات حسب المصدر، أن معظم المشمولين بها ولدوا لمسلحي "داعش"، وأن أكبرهم سنا لم يدخل شهره الرابع، فيما أعدم أصغر "المحكومين" قبل أن يبلغ أسبوعه الثاني من العمر.

الخبراء، ومن على أدنى دراية بتاريخ النازية ونشوئها، ووصول هتلر إلى الحكم في ألمانيا الذي تمخض عنه نشوب الحرب العالمية الثانية وويلاتها، سارعوا محقين إلى الربط بين ممارسات "داعش" هذه وتعاليم هتلر والنازية لتنقية الأعراق.

فهتلر، فضلا عن معسكرات التطهير العرقي التي أقامها في أوروبا وعلى أراضي الدول التي غزتها جحافل جيوشه الجرارة، طبق "برنامجا" لتنقية العروق البشرية تمثل في الإبقاء على الأشداء والأصحاء بدنيا وعقليا، كما أمعنت فرق متعددة من "أطباء وعلماء" النازية في إجراء التجارب على البشر وحقنهم بمختلف العقاقير وانتظار النتائج، إضافة إلى تجريب الأسلحة الجرثومية والكيميائية عليهم لاكتشاف أثرها، وتعريضهم لعمليات زرع الأعضاء أو استئصالها دون تخدير!

الإنسان في عرف هتلر وأتباعه تحول إلى فأر مخبري. "فبحوث" هتلر اقتصرت بادئ الأمر على اليهود، ومن ثم سرت على شرائح من الأسرى السوفيت، وأخيرا انسحبت على الآريين أنفسهم، وخصي مئات آلاف الرجال الألمان كي لا تلد لهم ذرية "تعكر" أو تشوب نقاوة العرق "المتفوق".

وبعد العودة إلى هذه الصفحة المظلمة من تاريخ أوروبا والبشرية، يتضح أن فكر الظلام قد استنسخ ولكن على أيدي أشخاص ربما ولدوا مسلمين، ومن ثم تحولوا إلى متزمتين وبعدها صاروا متشددين حتى أمسوا في نهاية المطاف إرهابيين وسفاحين ووحوشا تتلذذ بقتل النفس البشرية، استنادا إلى "فقه" واحد منهم يسمي نفسه "قاضيا شرعيا" وينزل أحكاما نازية تصاغ بشرع هتلر وأعرافه، لا بشرع الأديان والخالق.

 

نصب تذكاري لضحايا النازية من الأطفال في جمهورية التشيك Reuters David W Cerny نصب تذكاري لضحايا النازية من الأطفال في جمهورية التشيك

ومنه، فإن مبدأ إعادة التاريخ نفسه يتجلى هذه المرة على أرض سوريا والعراق، فيما أن الأهم في هذا الأمر أن الدول التي سعت منذ البداية إلى دعم الإرهابيين تارة، والتغاضي عنهم تارة أخرى لتنقلب الآية بأيديهم في سوريا، إنما تعيد الكرة متجاهلة التاريخ ودروسه.

فالدول الغربية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الأولى كانت تتغاضى عن النازيين ونشاطهم السري تارة، وتمد لهم يد العون تارة أخرى حتى وصلوا بزعامة هتلر إلى السلطة في ألمانيا. وبعد أن ترسخت النازية هناك وقامت دولة جبارة على عظام البشر، استمرت هذه الدول وبينها الأوروبية في تجاهل ممارسات النازيين في ألمانيا، بل راحت تساندهم معنويا وسياسيا حتى استولوا بالكامل على زمام الأمر والنهي. وكل ذلك من أجل إضعاف الاتحاد السوفيتي أو ضربه بأيدي النازيين، الذين ضربت أيديهم أوروبا أولا، قبل أن تطال الاتحاد السوفيتي ودمرت المدن الأوروبية وعاثت بها فسادا، لم يخطر على بال جند التتر والمغول ولم يدركه فرعون ونيرون.

وعليه، ألم يحن الوقت للعواصم التي ترعى الإرهاب أن تتمعن، أو تفقه حقيقة أن التاريخ يعيد نفسه، وماذا إذا وصل إلى الحكم في دولة أو أخرى "داعش"، والزمر المنبثقة عنه التي يرى فيها الرعاة أنها "معتدلة" ويحاججون ببرائها من الإرهاب؟ وهل أن العواصم التي أمعنت في تربية الأفاعي لا تزال تؤمن بأنها بمنأى عن اللدغ وأن رجالاتها لن تخصى، ومتى ستذعن هذه العواصم للواقع وتلتحق بتحالف فعلي وحقيقي تدعو إليه روسيا للقضاء على الإرهاب في جحره، أم أن الأوان لم يحن بعد، وقتل المعاقين مباح؟

صفوان أبو حلا

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك