المقالات

بدَأنا الهبوط..!

1314 2021-11-29

مازن البعيحي ||   كنت مسرعًا لتأخري عن موعد الطائرة والتي يفترض أن تقلع في السادسة صباحا، وسبب تأخري ابنتي التي علمت ليلًا بسفري المفاجئ ثم نامت بصمت وقلبها يغلي ألما لقرار السفر عندما استرقت السمع أنه سفرٌ لأجل العلاج وما وصيتي لامها بالاهتمام بشؤون العائلة لو حدث لي اي قدر بعد مماتي وهذا مازاد في قلقها..أمر كان ينبغي ان احرص على عدم وصول وصيتي الى مسامع صغيرتي التي أمثّل لها كل الطمأنينة والحارس الأمين. بعد صلاة الفجر بينما هي نائمة قبّلتها واحسست بلسع حرارة خدها الرقيق لإرتفاع درجة حرارتها،  حاولت عبثًا تدارك الأمر مع صعوبة تأخري عن موعد الطائرة المنضبط غالبا، وبمثل حرقة قلبي وقلقي واضطراب جوانحي لاجل ابنتي الصغيرة،  وأنا احث أصابعي على مسبحتي الطينية واهمس لها بقلق أن تساعدني ببركات ما تلطخ ترابها من عبق دماء لا يُرد دعاء من لامسها. وصلتُ محيط ماقبل المطار ببضع أمتار، هنا سرح بي الخيال وطافت روحي التي رقّ لها جانبٌ بسبب الخوف على ابنتي، ولا أعرف كيف هوّمَت أطراف اناملي عن مسبحتي التي كنت كمن يتناغم معها، أبث لها شجني، واحمّلها اضطرابي، فطلبتُ من السائق الذي أخبرته بتأخري أن يتوقف، فتعجب وقال:  اين في هذا المكان الخالي!؟ قلت أنت تراه خاليًا  وابتسمت بسمة يشوبها ندى الجفون  التي تقف عندها الدموع، وأنا اراه صرحًا رساليًا نابضا بالحياة، وايقونة فداءٍ كما فداء من قال يا نفس من  بعد الحسين هوني.. ترجّلتُ ومعي ترجّلت تلك الليلة المرعبة ماثلة بكل تفاصيلها وأنا اغطّ في نومٍ عميق جراء تعب النهار لأوفّر طاقة تعينني في اليوم التالي، وإذا بكفّ ولدي تهزني مضطربة..بابا بابا استيقظ ارجوك!! يقولون ان حارس الإسلام ورفيقه قد قضى نحبهما ، لقد استُشهدا ياابي هكذا انتشر الخبر!!! وبين بطئٍ بالفهم لايريد التصديق الخبر ومشاعر ليست على استعداد لاستيعاب ماسمعت، هرعتُ باكيًا متعثّرًا، ماذا تقول؟!! قال اتصل بالنت وتأكد لنا من الأصدقاء لعل الخبر اشتباها ياابي،  فعلا دخلت على برامج التواصل فعجّت الإشعارات تناقض نفسها، وكل خبر يكذّب صاحبه، وهاجت الحروف وماجت الكلمات، والسطور بدأت تنصبُ سرادق التعازي لمجهول تخشى التصديق له! حتى وقع ناظري على  تلك اليد التي أعرفها قبل ثلاثون يوم بالتمام، حيث لازال عطر نعومتها ورقراق حنانها لم يفارق مشامّ حواسي، عندها صدقت الاخبار وسال للروح قطر اختلف عن كل قطر!  هنا استيقظت من خيالي، أنه الطيف الذي أخذني في هذا المكان وأنا أحدق بعيون الأمل والأماني لأرى صرح الزمان التي ستعلوا له قبابًا ونياشين، يخشى كل مسافر يمرّ من هنا تخطّي القباب النابضة حياة دون اداء ركعتان قبل ذلك السفر قبل الدخول إلى ممرات المسافرين، وتلك الحدائق الغناء بأخضرار أوراقها تتراقص جذلى الى بُعد مسافة دونم من رواق الشهداء، كأني رأيت منارة ونخيل باسقات وقبة بطراز بهيّ وهيكل سيارة قد نُصبت على ربوة عالية تحكي حادثة الخلود ماسيجعل من ذلك المزار المأمول محطة نور وذكرى بأضواء تنير بألوانها ذاكرة التاريخ الذي سوف يهمس للغادين  والعائدين والمارّين دون سفر  (هنا مطار سليماني والمهندس لمن شاء التحليق من سمائنا والهبوط في رياضنا الشهداء)  {سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللهِ حَقًّا} النساء ١٢٢

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك